وقد عرفها بعض علماء البوذية بأنها هي الامتناع عن جميع الرذائل والانعزال التام عن الحياة المدنية، أو بتعبير آخر هي الاعتزال عن العالم كله، ويعنى بذلك: الاعتزال عن النهج الذي يعيش فيه أهل العالم، وهذا هو المعنى المنصوص عليه في كتاب: "تريبيتاكا" في جميع استعمالاته لهذه الكلمة، وحيث يتضمن كل ما يتعلق بالرهبنة من نظامها، وأدبها وطقوسها، وما أشبه ذلك.
فالرهبنة البوذية: هي الاعتزال الكلي عن جميع شئون الحياة المدنية، أي: شئون البوذيين المدنيين الساكني البيوت؛ لأن البوذية تقسم أهلها إلى طائفتين المدنيين، وهو ساكنو المنازل، والبيوت، والرهبان، وهم المتنازلون عن البيوت، والأموال، والشهوات، واللذات لممارسة حياة الرهبانية.
ومن هنا يتضح لنا: أن الغرض الحقيقي من الرهبنة البوذية هو إعدام الألم والتسامي بالروح، أو الوصول إلى "النيرفانا" أي: السعادة في هذه الحياة فقد اعتقد البوذيون فيما زعموا: أن الوصول إلى السعادة لا يتم إلا بانخراطهم في سلك الرهبنة؛ وذلك لأن الحياة المدنية، أو المنزلية على حد تعبيرهم لها عقبات، ولها موانع كثيرة قد تحول دون الوصول إلى السعادة في هذه الحياة.
أما الرهبانية: فتتيح لهم فرصة أكبر للوصول إلى السعادة؛ لأنها تحررت عن جميع القيود، والعقبات، وتحررت عن الشهوات واللذات، وعن نعيم الدنيا وزخارفها، وقد ذهب بوذا إلى أن الرهبانية أسلوبٌ جليلٌ من أساليب الحياة لما فيها من تضحية شاقة لا يصلح لها كل إنسان، ولا يقدر عليها كل إنسان، ولا يصل إلى غايتها كل من سلك سبيلها، كما زعم أنها أسمى وظيفة للبشر، وأن أصحابها هم في أَسْمَى مَرَاتِبِ الناس.