ومن أجل إهمال الإله أو الاتجاه لنكرانه أحيانًا اتجه براهمة براهمة عصره إلى أن يصموه بوصمة الإلحاد، والإيمان بإله اتجاه نفسي قوي لا يقل عن قوة الغرائز في البشر، وإهمال هذا الاتجاه يحدث ارتباكًا واضطرابًا؛ ومن أجل هذا نجد أتباع بوذا من بعده يفكرون في الإله، ويعملون على الوصول إليه أو التعرف عليه، ولما كان بوذا ترك هذا المجال خاليًا، فقد لعبت بهم الأهواء فاتجه بعضهم إلى اعتقاد أن بوذا ليس إنسانًا محضًا، بل إن روح الله قد حلت به.

وهذه العقيدة تشبه عقيدة الحلول التي يعتنقها بعض المسيحيين في السيد المسيح فيقولون: إن شخصيته ثنائية لاهوتية وناسوتية، وأن الشخصية اللاهوتية حلت بالناسوت، وتسربت هذه العقيدة أيضًا إلى مدعي التشيع فقالوا بها بما يتعلق بعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بل ذهب بعض البوذيين إلى القول: بأن بوذا كائن لاهوتي هبط إلى هذا العالم؛ لينقذه مما فيه من شرور.

امتزاج البوذية بالهندوكية:

بقي موضوع خطير يتصل بالإله عند بوذا؛ فاتجاهات البوذية الخلقية واللاعقائدية سببت سرعة انتشار البوذية في الهند لسهولة هذه الاتجاهات، ولعدم تعارضها مع آلهة الهندوس، وعلى هذا كان كثير من الهنود يتبعون البوذية في أخلاقها، ويظلون مع ذلك على ولائهم لآلهة الهندوس، ومن هنا بدأت البوذية تختلط في مظاهرها بالهندوسية، وبدأ البوذيون الذين يقوم مذهبهم على عدم الاعتراف بالإله يعترفون بآلهة الهندوكية، ويتقربون إليها لذلك لم تكن مظاهر البوذية خالصة لها، بل كانت خليطًا منها. ومن الهندوسية.

ومن هنا أخذت البوذية تتلاشى من الهند شيئًا فشيئًا، ويندمج أتباعها في تقاليد الهندوسية وطقوسها وآلهتها، ووضع البوذيون الذين قالوا: إن بوذا كان إلهي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015