أما الحقيقة المتعلقة بإخماد الألم: فهي تتألف من إطفاء العطش المتجه نحو أهواء النفس الرديئة، وميول القلب الشريرة، وإخفاء هذا العطش، وهي الرفض القاطع لهذه الشهوة، والتحرر منها، وعدم التأسيس، والبناء عليها، وطريقة محو الألم تكون بسبب الطريق ذات الشعب الثمانية، وهي النظرات الصائبة، والكلمات الصائبة والسلوك الصائب، وطريقة الحياة الصائبة، والجهد الصائب، والأفكار الصائبة، والرؤية الصائبة.
يستدل من الحقائق التي كشفها البوذا المتعلقة بأصل الألم، وطريقة إخماده ذات الشعب الثمانية، أن الألم أمر حقيقي مرتبطٌ بوجود الإنسان، وانتقاله من حالٍ الولادة إلى حال الهرم، ثم الموت، جميعها أمور حتمية لا يخرج أي إنسان من دائرتها، إلا أن سعي الإنسان إلى التغلب على قدره، والارتباط الجسدية هي التي تحدث الأمل لأن ارتباطات الجسد، وإشباع شهواته الآنية، والمستقبلة هي التي ترمي الإنسان في آتون العذاب والحزن، وإن إطفاء الشهوات، أي: شهوات التعلق هي المدخل إلى محو الألم، وبلوغ السلام النفسي لذلك يغلب الجانب الخلقي على مجمل الفكر الديني البوذي؛ إذ أن الشعب الثمانية لمحو الألم التي ذكرها تركز على المسائل السلوكية بشكل أساسي.
من هنا الحكم العام السائد على فلسفة البوذية بأنها عملية خلقية تهتم بالفعل الإنساني أكثر من اهتمامها بالنواحي الماورائية الإلهية ويؤكد هذه النظرة بوذا نفسه في قوله: إذا تعلم كل العالم الحقيقة، نكون قد زرعنا بذور الطيبة، واللطف والوداد، والعطف والتساهل، والتسامح، ويصبح حصاد الأعمال الصالحة مدرارًا وأكثر وفرة، لعل الهدف الأساسي للدعوة البوذية هو بناء الإنسان المحب، والمتسامح والمتساهل؛ لأن حصاد هذه الأعمال هو الفرح والسلام، وهذا الإنسان الفائق هو في الوقت نفسه الإنسان الذي