يقول: هنالك طريقان متطرفان على الرجل الذي ينبذ العالم تحاشيهما، فمن جهة عادة إشباع شهواته هذه الطريق تافهة وباطلة وبدون ثواب، ولا تتناسب إلا مع الأرواح المتجهة نحو العالم، ومن جهة أخرى فإن إماتة الذات هي تطليق مرهق ومضني وبدون فائدة وباطل، حب اللذات الجسدية الشهواية يضعف الإنسان، إشباع الشهوات تجعل المخلوق عبدًا لأهواء نفسه الباطلة، البحث عن اللذة يتلف الإنسان ويذله ويدني منزلته، إن سد حاجات ضرورات الوجود ليس شغف، والمحافظة على جسدنا ليبقى في صحة جيدة هو واجب، وبدون هذا لا نستطيع صيانة قنديل الحكمة، هذه هي الطريق الوسطى أيها الرهبان التي تبعد جانبًا الطريقين المتطرفين.
الآلام: وجود الألم كان الحافز الأول لبوذا؛ ليبدأ سفرته التأملية، وأول مباشرة له مع الحياة والعالم الخارجي أطلعته على ثلاثة مظاهر، أو نماذج للألم هي، الأمل الناتج بسبب المرض، والألم الحاصل بسبب الشيخوخة.
وأخيرًا الألم الذي يتركه حدث الموت في نفوس أقارب أصدقاء المتوفى، وبعد تأملات عميقة في الوجود الإنساني والكوني، وجد أن سبب الألم، وأصله يكمن في التغير الذي يثقل على الإنسان، ويقلق وجوده، وأطلق في عظة "بنارس" الحقيقة الشريعة المتعلقة بالآلام، قال: والآن أيها الرهبان هاكم الحقيقة الشريعة المتعلقة بالآلام، الولادة ألم الهرم، ألم المرض ألم، وجودك مع من لا تحبه ألم، كل رغبة غير محققة ألم، وبالاختصار، فكل الحالات التي يضع التعلق الجسد فيها ألم.
وحول الحقيقة المتعلقة بأصل الألم يقول حقًّا هي الشهوة الجامحة التي تسبب التجديد في الوجود، والمصحوبة بالفرح الشهواني؛ فهي تبحث عن إشباعها مرة هنا ومرة هناك، هي شهوة إشباع الأهواء الفاسدة، وشهوة الحياة المستقبلية، وشهوة السعادة في هذه الحياة.