(رامايانا) كتاب قديم لا يعرف مؤلفه ولا تاريخ تأليفه بالضبط، وكل ما نعرفه عن تاريخه أنه كله أو بعضه أقدم من (مهابهارتا) الذي تكلمنا عنه سابقا، وعرف تاريخ (رامايانا) التقريبي بواسطة إشاراتي إليه في (مهابهارتا) وإن كان ذلك لا يحدد تاريخه بالضبط؛ لأن الكتب المقدسة الهندية ألفت في فترات طويلة فلا يدل حدث بها على تاريخ تأليف الكتاب كله، و (رامايانا) يعني بالأفكار الس ي اسية أو الدستورية للحياة الهندية فهو يتحدث عن تكوين م جالس الشورى وطرق اختيار الملوك وولاة العهود، ثم عن واجبات الملك وعن واجبات مجالس الشورى وسلوك أعضائها.
ونقتبس من هذا الكتاب ثلاث خطب تتصل بأحد الملوك الهند المشاهير وهو الملك " راما "، وتحتوي على تقاليد ونظم هندية تتصل بالسياسة؛ أحس " داسارتها " ملك الهند بوهن في صحته فعقد المجلس التشريعي في عاصمته أيودها وألقى بالمجلس الخطاب التالي:
اخترتموني ملكا عليكم وقد بذلت كل جهدي في القيام بواجباتي نحوكم، وها أنا ذا قد بلغت من الكبر عتيا، ويحتم علي واجبي أن أصارحكم بأن أعباء الملك فوق مقدرتي الآن، وأراني أضعف من أن أتحملها، وهذه الأعباء تحتاج إلى رجل أقوى مني جسدا وعقلا، وإنكم لتعرفون " راما " ابني ولا تخفى عليكم مزاياه التي تؤهله ليكون ولي عهدي، وينوب عني في الحكم ما دمت حيا، ويخلفني بعدي ويخدم شعبه كأبيه، هذا رأيي أنا ولك م الحرية التامة في قبوله أو رده، فإن قبلتموه فذاك ما أريد وإن رفضتموه واخترتم رجلا غيره فإني أنزل على إرادتكم وأقبل قراركم بطيب نفس؛ لأن غايتكم وغايتي واحده هي خدمة الشعب وخير البلاد.
وخرج الملك وترك الأعضاء ليتناقشوا فاتفقت كلمتهم على قبول " راما " وليا للعهد ونائبا عن الملك في حياته على أن يكون ملكا بعد وفاة أبيه إن سار سيرة والده في الحكم، فلما بلغ " داسارتها " ذلك عاد للمجلس ومعه " راما " خاطبه أمام الجالسين قائلًا: