ومن الكلم النوابغ للزمخشري: فرقك بين الرطب والعجم فرقك بين العرب والعجم، ومنها العرب نبع صلب المعاجم، والغرب مثل للأعاجم، فانظر إلى الزمخشري كيف جعل العرب رطبًا والعجم عجمًا والعجم بتحريك الجيم هو النوى، وكيف جعل العرب مثل شجر النبع وهو صلب تتخذ منه القسي، وجعل العجم مثل شجر الغرب، وهو خوار، فإن قلت: ما كان علماء العربية من العجم عالمين باللغة الأعجمية، كما ينبغي قلت: أليس أنهم كانوا يعرفون العجمية، ثم إنهم تمهروا في العربية، وبالغوا في إتقانها؟ ومن وصل في لغة من اللغات إلى ما وصل إليه أبو علي والزمخشري وغيرهما، من معرفة الاشتقاق الأكبر والأصغر، والأبنية، والتصريف في الاسم، والفعل الماضي والمضارع والأمر، واسم الفاعل والمفعول، وصارت له تلك الملكة كان عنده من الأهلية أن ينظر في كل لغة عرف لسانها، وأن يستخرج قواعدها ويتبع أصولها؛ فيقع على غرائب حكمها ومحاسن قواعدها لاشتباك العلوم بعضها ببعض، واجتماع شملها في الغاية التي أوجبت وضعها، ولا يضع اللغة إلا حكيم.
ألا ترى أن بعض النحاة رتب اللغة التركية على القواعد النحوية، وميز الاسم من الفعل والماضي من المضارع من الأمر، وضمير المتكلم من المخاطب من الغائب، والجمع من الإفراد وعلامة الجمع والمضاف من المضاف إليه إلى غير ذلك، وهذا أمر غير خافٍ.
وأما قوله: إن كتاب (شاه نامه) ستون ألف بيت كلها في غاية الحسن من الفصاحة والبلاغة، وما فيها ما يعاب، فإن هذه الدعوى لا تسمع مجردة عن البرهان الذي يؤيدها، ومن يأتي بستين ألف كلمة أو بستة آلاف كلمة تكون في غاية الفصاحة في الألفاظ والبلاغة في المعنى حتى إنها لا تعاب بوجه، هذا ليس في قوى البشر في لغة من اللغات، سلمنا أن ذلك ما يعاب في تلك اللغة، فمن