والساهور فيما يذكر أهل الكتاب غلاف القمر يدخل فيه إذا كسف، وقوله في الشمس:
ليست بطالعة لهم في رسلها ... إلا معذبة وإلا تُجلد
يقولون: إن الشمس إذا غربت امتنعت من الطلوع وقالت: لا أطلع على قوم يعبدونني من دون الله حتى تدفع وتجدل فتطلع، ويسمي السماء في شعره صاقورة وحاقورة وبرقع، ويقول في الله -عز وجل-: هو السلطيط فوق الأرض مقتدر، وهذه أشياء منكرة وعلماؤنا لا يرون شعره حجة في اللغة.
ويقابلنا عند الجاحظ أيضًا في (البيان والتبيين) نص على درجة كبيرة من الأهمية يصف فيه ناقدنا وأديبنا القدير تعريفات البلاغة لدى الأمم المختلفة، قال: قيل للفارسي: ما البلاغة؟ قال: معرفة الفصل من الوصل، وقيل لليوناني: ما البلاغة؟ قال: تصحيح الأقسام واختيار الكلام، وقيل للرومي: ما البلاغة؟ قال: حسن الاقتضاب عند البداهة، والغزارة يوم الإطالة، وقيل للهندي: ما البلاغة؟ قال: وضوح الدلالة وانتهاز الفرصة وحسن الإشارة، وقال بعض أهل الهند: جماع البلاغة البصر بالحجة، والمعرفة بمواضع الفرصة.
ثم قال: ومن البصر بالحجة والمعرفة بمواضع الفرصة، أن تدع الإفصاح بها إلى الكناية عنها إذا كان الإفصاح أوعر طريقة، وربما كان الإضراب عنها صفحًا أبلغ في الدرك وأحق بالظفر، ويلاحَظ أن كل تعريف من تلك التعاريف إنما ينظر إلى الأمر من زاوية خاصة، بحيث نراها في النهاية تتكامل ولا تتناقض، وهو ما يدل على أن البلاغة أكبر من أن تنحصر في ذوق أمة واحدة من الأمم، بل كل يركز عليها من جانب واحد من جوانبها ليس إلا، وهو ما عبر العرب عنه بقولهم: لكل مقام مقال أي: أن على