أحمد مكي في الفصل الأول من كتابه (الأدب المقارن أصوله، وتطوراته، ومناهجه) فهو وإن تطرق للحديث عن الأدب العربي القديم قد قصر كلامه عما كان يسمى في تراثنا النقدي بالموازنات والنقائض والمعارضات والسرقات والتقليد، وما دار حولها من بحوث ودراسات، فلم يحاول هو أيضًا استكشاف تراثنا النقدي والبلاغي؛ ليرى أمن الممكن العثور هناك على أي شيء يمت بصلة لهذا الحقل الجديد من الدراسة الأدبية.
ومن بين ما تحدث به الأستاذ الدكتور عن السرقات كلامه عما اتهم به كل من المازني ومحمد مندور بالأخذ عن الكتاب الأوربيين، واضعًا تحت عين القارئ قصيدة الشاعر الإنجليزي "توماس هوت"، التي قيل: إن المازني قد سطا عليها في قصيدته: فتى في سباق الموت، ومؤكدًا أن مندور قد سرق كل كتابه (نماذج بشرية) ما عدا فصلًا واحدًا هو الفصل الخاص بشخصية إبراهيم الكاتب في رواية المازني المعنونة بنفس العنوان، من كتاب "جان كالفيه" عن النماذج العالمية للأدبين الفرنسي والأوربي، وهو ما أثبت صحة جانب كبير منه بالوثائق التي لا تكذب ولا تتجمل في كتابه الدكتور محمد مندور (بين أوهام ادعاءات العريضة وحقائق الواقع الصلبة).
وعودة إلى ما كنا بصدده أقول: إنني لا أدري لم سكت الأستاذان الفاضلان في كتابيهما هذين، فلم يحاولَا أن ينبشا في تراثنا النقدي علهما يجدان شيئًا يمكن القول بأنه يمثل بذروًا أو أجنة لذلك الحقل الجديد المسمى بالأدب المقارن؟ وقد كانا جديرين بأن يقوما بهذه المهمة خير قيام لو أنهما لم يجريَا في إثر الكتاب الأوربيين، الذين كتبوا في موضوع الأدب المقارن، إذ المسألة أبسط من ذلك كثيرًا لو كانا عقدَا النية، ولم يضعا أعينهما على خطوات الدارسين الغربيين، الذين لا