جزءًا منه فقط كما نرى، كذلك فإنه قد قصر الكلام فيه على نشأة ذلك العلم في مصر في الربع الأول من القرن العشرين.
وهذا أيضًا صحيح وقد لاحظت ذلك بنفسي قبل أن يقع كتاب الدكتور عبد الحميد إبراهيم في يدي، وسجلت هذه الملاحظة في كتابي (في الأدب المقارن مباحث واجتهادات)، الذي صدر قبل عدة أعوام، إلا أنني لم أكتفِ بتسجيل تلك الملاحظة، بل أفردت فصلًا كاملًا وطويلًا يقع في عشرات الصفحات، عنوانه: المقارنة الأدبية في التراث العربي، أبرزت فيه جهود النقاد العرب القدامى في ميدان الأدب المقارن، وهي جهود عظيمة شديد الأهمية لا يقلل أبدًا من عظمتها وأهميتها أن أسلافنا لم يهتموا بصك المصطلحات الخاصة بها، ولا بإعطاء كتاباتهم اسم الأدب المقارن أو أية تسمية أخرى، بل كانوا يمارسونها والسلام، مخلفين لنا في هذا الصدد تراثًا عظيمًا ألقيت الضوء على عدد كبير من نصوصه، التي لم يكن يلتفت إليها أحد في حدود علمي، اللهم إلا نصين اثنين اهتم بهما ولفت الانتباه إليهما الدكتور الطاهر أحمد مكي في كتابه (الأدب المقارن) على نحو حفزني لأن أتابع الطريق وأمضي قدمًا، وأكتشف نصوصًا أخرى في غاية الأهمية.
وكنت في كتابي المذكور قد أشرت إلى الفصل الذي عقده الدكتور محمد غنيمي هلال في كتابي (الأدب المقارن) للكلام في تاريخ نشأة الأدب المقارن، وهو الفصل الأول من الباب الأول من ذلك الكتاب، لافتًا النظر إلى أنه يحصر نفسه في الآداب الأوربية، ولا يطرق البتة باب الأدب العربي للبحث عما قد يكون فيه من بذور لذلك النوع من البحث، أو لذلك النوع من الدراسة، وهو ما يشي إن لم يكن يؤكد أنه لا يرى أية إمكانية لوجود مثل تلك البذور، أما الدكتور الطاهر