الذي قام به العرب في حمل هذا الدين، ونشره في أرجاء الأرض، إلا أن الإسلام في نهاية المطاف هو دين الله سبحانه أرسل به نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- إلى الدنيا كله، فهو إذن دين عالمي رغم انطلاقه من بقعة معينة من الأرض، على أيدي قوم معينين من أقوام هذه الأرض.
كذلك أود أن ألفت النظر إلى أن المؤلف يتبنى هو أيضًا وجهة نظر الدكتور محمد غنيمي هلال، إذ لا يستطيع أن يرى الأدب المقارن خارج نطاق النظرة التاريخية التي تحصره في التأثير والتأثر، وهي النظرة التي تقوم عليها المدرسة الفرنسية، تلك التي كان الدكتور هلال أحد تلاميذها المخلصين، رغم ضيق أفقها الواضح، فهو مثلًا عند تفرقته بين الموازنات الأدبية والأدب المقارن، يكتب قائلًا: إن الأدب المقارن يجمع في جعبته بين الوجهين القومي والعالمي معًا، فهو ينطلق من نصوص أدبية كتبت بلغة معينة، وخضعت للمقتضيات البلاغية لهذه اللغة، ثم يبحث عن علاقتها من حيث التأثير والتأثر بنصوص أدبية كتبت في لغة مختلفة، وخضعت بدورها لمقتضيات تلك اللغة، وذلك لكي يثبت أوجه التفرد عند هذا الأديب أو عند غيره.
ومما انتقده المؤلف على الدكتور محمد غنيمي هلال: أنه لدن تأريخه نشأة الأدب المقارن قد أنفق وقته وجهده كله في صبر وأمانة كما يقول في متابعة هذا التاريخ في أوربا وحدها، من أيام اليونان والرومان حتى العصر الحديث، ولم يحاول قط الحديث بشيء عن تاريخ ذلك العلم داخل اللغة العربية والحضارة الإسلامية، صحيح أنه خصص فصلًا كاملًا للحديث عن الوضع الحالي لدراسات الأدب المقارن في جامعات الغرب، وفي الجامعات المصرية، لكنه لم يعط هذا الفصل سوى عشر صفحات، فضلًا عن أنه لم يخصصه كله للجامعات المصرية، بل