ويجدون فيها المتعة والفائدة ويتفقون على أنها أعمال متميزة على مستوى العالم، لكن كيف تصل تلك الإبداعات إلى أيدي القراء من مختلف دول العالم، ليس هناك من سبيل إلا الترجمة، فهي وسيلة المواصلات التي تنقل تلك الأعمال إلى القراء، لكن من يقوم بهذه الأمة؟ إنهم ناس من الناس يخضعون لما يخضع له الناس عادةً من كسل وهوى وتعصب، واعتبارات سياسية أو دينية أو أدبية، ومن ثم فمن الممكن أن تترجم أعمال لا ترقى إلى المستوى العالمي، وتهمل أعمال أخرى رغم قيمتها الفنية والإنسانية العالية. ومعروف ما تفعله المؤسسات الغربية الثقافية والسياسية مع أدباء العالم الثالث، إذ تقرر من ينخرط في خدمة مخططاتهم، وتغدق عليهم نفحاتها، في الوقت الذي تضرب فيه صفحًا عمن يتأبى منهم على ذلك ويخلص لوطنه ودينه.
وترجمة الأعمال الأدبية إلى اللغات الواسعة الانتشار والكتابة عنها، والإشادة بها وبأصحابها، وتلميع أسمائهم، هي من باب المكافأة في هذا المضمار، ويتحدث الدكتور حسام الدين الخطيب عن تأثير المركزية الأوربية في ذلك الميدان، إذ ما أسرع أن تترجم وتختار للقراءة في كتب المختارات إبداعات الإغريق والرومان، وسائر الإبداعات الأوروبية المعاصرة، في الوقت الذي يندر فيها ترجمة إبداع لأي عربي أو مسلم.
ونكرر نحن ما قلناه لتونا من أن الأدباء العرب والمسلمين الذين يحتفى بهم عادة هم أولئك الذين يكتبون على هوى الغربيين، فيتناولون موضوعات بعينها كالإباحية الجنسية والشذوذ والتمرد والإلحاد، والتغريب في المجتمعات العربية الإسلامية، ويدعون إلى قيم تتصادم وقيم الإسلام، ويتداعون إلى نصرتها بدعوى حرية الفكر والتعبير، وأن الأدب يعلو ولا يعلَى عليه، فلا ينبغي من ثم أن يخضع لأية قيمة دينية أو أخلاقية وهكذا.