معجمًا ملحقًا بها، كما كتب مقدمة مطورة عرف فيها بفن الملاحم وقام ببعض المقارنات بين الشعر العربي وأشعار الأمم الغربية وغير ذلك من الموضوعات الشديدة الأهمية، وهذه المقدمة هي في واقع الأمر بمثابة كتاب قائم بذاته، ومع هذا كله لا ينبغي أن يفوتنا النص على أن ترجمة البستاني لملحمة هوميروس قد غلب فيها النظم على النفس الشعري.
أما الصلات بين الأدب العربي وغيره من الآداب في فن المقامة مثلًا، فالمعروف أن المقامة قد عرفت منذ وقت مبكر خارج الأدب العربي؛ ففي الأدب الفارسي مثلًا ألف القاضي حميد الدين أبو بكر بن عمر البلخي ثلاث وعشرين مقامة على نسق مقامات الحريري، وأتمها سنة 551 هجرية، وكذلك عرفت في الأوساط اليهودية والمسيحية الشرقية فترجموها وصاغوها على مثالها باللغتين العبرية والسريانية، أما في أوروبا فقد عني المستشرقون بمقامات الحريري فتُرجمت إلى اللاتينية والألمانية والإنجليزية، إلا أنه يؤكد أن تأثيرها كان محدودًا وبخاصة إذا قارنا بينها وبين ألف ليلة وليلة في هذا المجال؛ ذلك أن المقامات كما يقول ليس القصة عمادها، بل عمادها الأسلوب وما يحمل من زخارف السجع والبديع.
ويقول الدكتور شوقي ضيف: إننا مع ذلك يمكن أن نرى أثرها في بعض القصص الأسباني الذي يصف لنا حياة المشردين والشحاذين، وإن لهذا القصص عندهم بطل يسمى بـ كارون يشبه بعض الوجوه أبا الفتح الإسكندري في "مقامات بديع الزمان" وأبا زيد السروجي في "مقامات الحريري".