الأخرى، وشعراء الرمزية يُعنون بالإيقاع الموسيقي للألفاظ ويعبرون عن أنفسهم بصورة مجازية، وقد رمى بعضٌ من النقاد هذه الحركة بالانحلال والانحطاط؛ نظرًا لتسلط فكرة الموت والتشاؤم بصورة عامة عليها.

والحق أن الأدب الرمزي إنما هو محاولة من الأديب للإفصاح عن العواطف المكبوتة في أعماق النفس البشرية، والإتيان بالصور من العقل الباطن إلى قارئه إلى مستعينا في ذلك بدرس الألفاظ وإيقاع الوزن وتراسل الحواس، وقد قام الشاعر الفرنسي بول فيرلين في سبعينيات القرن التاسع عشر الميلادي بجولة في مناطق متعددة من بريطانيا وهولندا وبلجيكا، بصحبة أرثر رامبو واصفًا المناظر الطبيعية هناك في إطار من التخيلات الواسعة الشبيهة بالأحلام تحت عنوان "أغان بدون كلمات" صدرت عام ألف وثمانمائة وأربعة وسبعين ميلادية، وعكست قصائده الشجية العفوية وما فيها من صور غريبة كالسموات الرمادية والقمر الشاحب والكمال الحزين- نوعًا من السمات الحزينة المتشائمة.

والمبادئ الرمزية: الابتعاد عن عالم الواقع وما فيه من مشكلات اجتماعية وسياسية، والجنوح إلى عالم الخيال؛ بحيث يكون الرمز هو المعبر عن المعاني العقلية والمشاعر العاطفية، والبحث عن عالم مثالي مجهول يسد الفراغ الروحي ويعوضهم عن غياب العقيدة الدينية، وقد وجد الرمزيون ضالتهم في عالم اللاشعور والأشباح والأرواح، واتخاذ أساليب تعبيرية جديدة واستخدام ألفاظ موحية مثل لفظ الغروب الذي يوحي بالزوال والانقباض، وكذلك تعمد الرمزية إلى تقليب الصفات المتباعدة رغبة في الإيحاء، مثل تعبيرات: الكون المقمر والضوء الباكي والشمس المرة المذاق وتحرير الشعر من الأوزان التقليدية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015