لقد دعا الرمزيون إلى الشعر الحر التي تساعد الموسيقى في دفقات الشعور غذ كانوا يعتقدون أن اللغة عاجزة عن التعبير عن تجربتهم الشعرية العميقة، فلم يبقَ إلا الرمز ليعبر فيه الأديب عن مكنونات صدره، والواقع أن هذا المذهب نتيجة من نتائج تمزق الإنسان الأوروبي وضياعه بسبب طغيان النزعة المادية وغيبة الحقيقة والتعلق بالعقل البشري وحده للوصول إليها من خلال علومٍ توهم بالخلاص؛ إنه ثمرة من ثمرات لفراغ الروحي والهروب من مواجهة المشكلات باستخدام الرمز في التعبير عنها فضلا عن الضيق من المذهب الواقعي الذي اتجه نحو الواقع المادي الملموس، وكذلك التقدم الذي أحرزه علم النفس على يد فلوريد وأتباعه الذين اتجهوا إلى قرار النفس الإنسانية.

فالرمزية كما نرى مذهب أدبي يعبر عن التجارب الأدبية الفلسفية من خلال الرمز والتلميح؛ نأيًا عن عالم الواقع إلى عالم الخيال، وبحثًا عن مثالية مجهولة تعوّض الشباب عن غياب العقيدة الدينية باستخدام الأساليب التعبيرية الجديدة والألفاظ الموحية وتحرير الشعر من كافة قيود الوزن التقليدية، كذلك لا تسمو الرمزية على الأقل في بعض الحالات بالمبالغة في الأسلوب ولغة الأداء، فتدون عناصرها بألفاظ وصور بعيدة عن المألوف حتى تكاد أن تلحق بالطلاسم.

ونلحظ في كثير من الأعمال الرمزية الغموض والتناقض وإرغام لغة الأديب على التقريب بين الأشياء المتباعدة، يقول ستيفن مازر ماي مثلًا عن الربيع:

لقد طرد الربيع الشاحب في حجر الشتاء الظامئ

وفي الجسمية الذي يسيطر عليه الدم القاتم

يتمطى الفجر في تثاؤب طويل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015