الاشتراكي على أيام الاتحاد السوفيتي؛ حين كان الناقد سيمينوف مثلا يعلن أن أدبهم يهدف إلى تغليب عوامل الخير والثقة في الإنسان وقدرته وأن واقعيتهم واقعية متفائلة تؤمن بإيجابية الإنسان وقدرته على الإتيان بالخير والتضحية في سبيله بكل شيء في غير يأس ولا تشاؤم ولا مرارة مسرفة كما يقول الدكتور مندور في كتابه السالف الذكر، وكانت الأعمال القصصية تبالغ في تصوير نفوس الخيرة مبالغة لا يستطاع هضمها.
ورغم أن مصطلح الأدب الواقعي يعني ما قلناه من قبل فليس معنى ذلك أنه لم يكن هناك قط أدب واقعي قبل الفترة التي ظهرت فيها الواقعية بالمعنى السابق إذ هناك فرق بين الواقعية بهذا المفهوم المحدد وبين الواقعية بالمعنى الواسع الذي لا يرتبط بفترة تاريخية ولا بظروف اجتماعية وسياسية معينة، والذي يقوم على ملاحظة الواقع وتسجيله لا على صور الخيال وتأويله، فيكون ذلك معارضًا للرومانسية إذ يستقي الأدب مادته من حياة عامة الشعب ومشاكله، وكل ذلك معارضًا لما يسمى أدب البرج العاجي؛ أي أدب أرستقراطية الفكر والخيال الذي يناقش القضايا الميتافيزيقية أو الموضوعات التاريخية المأخوذة من بطون الكتب لا من قلب الوقائع.
ولا يخلو أدبنا القديم من نصوص ذات عناصر واقعية، وإن لم يكن وراءها تنظيم نقدي كالذي واكب ظهور الواقعية في أوروبا، فلدينا مثلًا شعر عمر بن عبد ربيعة في التعرض للنساء حتى في مواسم الحج وتحمل ما يمكن أن يصيب المتعرض لهن مما يمس الكرامة أحيانًا وعدم المبالاة بأقاويل الناس وكذلك النظر إلى المرأة على أنها شيئًا يُستمتع به دون التقيد بشخص امرأة بعينها؛ بحيث إذا غابت أو هجرت أو غدرت اسودت الدنيا في وجه من يحبها واستحالة حياته جحيمًا لا يمكن احتماله.