وزادت نسبة الألفاظ العربية في الأصول فتراوحت في هذه المرحلة ما بين ثمانين وخمسين في المائة، حتى كادت تكون الكلمات عربية مرتبة على حسب قواعد النحو الفارسي، بل إن النحو نفسه لم يسلم من التأثير العربي، ومظهر ذلك حذف الفعل في بعض الجمل الفارسي أو تقديمه أو خلق الفعل المبني للمجهول على غرار ما في العربية وكذلك استعمال الحال كما في النحو العربي. وقد تم ذلك كله بفضل من يجيدون اللسانين العربي والفارسية.
وبفضل الترجمة على اختلاف صورها، تبادلت اللغتان التأثيرات فيما بينهما سواء في الأدب النثري أو التاريخ، أو المقامة، أو القصة على لسان الحيوان كما هو معروف.
ومن ذلك أيضًا أدب الحكمة والسلوك وهي حكم الملوك أو وصايا العظماء، أو حكايات خلقية عامة تمت بصلة إلى السياسة، وقد كثرت الكتب في هذه الموضوعات في الأدب العربي في العصر العباسي ومتأثرة بأدب النصائح الإيرانية، وكان هذا الضرب من الأدب قد لقي رواجًا كبيرًا في اللغة "البهلوية" في آخر العصر "الساساني".
وقد تكون لذلك صلة بنبوغ كثير من مسلمي إيران في القصص والمواعظ العربية ممن كانوا يجيدون اللغتين فيما يروي الجاحظ، مثل: الخطباء القاصين من أسرة الرقاشي، وكانوا خطباء الأكاسرة، ثم نبغوا في العربية نبوغهم في الفارسية، ومثل موسى الأسواري.
ولا شك أن هؤلاء كانوا ينتفعون في قصصهم ومواعظهم بثقافتهم الإيرانية؛ مما سوغ قول بعض متقدمي المسلمين من ذوي الميول الإيرانية فيما يروي الجاحظ: "من احتاج إلى العقل والأدب والعلم بالمراتب والعبر والمثلات والألفاظ الكريمة