والنوع الأخير من دراسات المصادر هو ما يكون أدب شعب ما، وبيان وجوه تأثره بأدب آخر أو بالآداب الأخرى مجتمعة، كما فعل الباحثان "توكر" و"مجنوس" في شرح علاقات الأدب الإنجليزي بالآداب الأخرى، وكما فعل دو بي في بحثه علاقات الأدب الفرنسي بالأدب الألماني.
ومِثلُ هذه الدراسات كما يقول الدكتور محمد غنيمي هلال: قد تفقد شيئًا من الضبط، والتحديد والدقة، لسعة أطراف البحث فيها، وإلى حاجتها إلى اطلاع وإلى ثقافة قد يعي بهما مجهود باحث بمفرده؛ ولكنها حتى في رسم الخطوط الكبيرة في التأثير بوجه عام ذات أهمية كبيرة للباحثين ودارسي الأدب.
ثم إن الآداب المختلفة لا تتعرض للتأثير بآداب أجنبية بنسبة واحدة في كل العصور، فقد يبقى الأدب القومي لدولة ما مقطوع الصلة بغيره في عصر ما، ثم يجدد صلاته بالآداب المختلفة على حسب أحوال العصر لكل دولة، وتبعًا لنشاط رجالها الفكري والسياسي.
لقد ظل الأدب الفرنسي مثلًا يستمد من الآداب القديمة اللاتينية واليونانية، ومع ذلك طغى عليه في القرن السادس عشر تأثير الأدب الإيطالي حتى غلب على كل تأثير سواه، وقد اتسم القرن السابع عشر في فرنسا بغلبة تأثير الأدب الإسباني عليه، ولما جاء القرن الثامن عشر التجأ أدباؤه وجهة الأدب الإنجليزي أولًا، ثم وجهة الأدب الألماني في النصف الثاني من ذلك القرن وفي أوائل القرن التاسع عشر، أما في أواخره، فقد ظهر تأثير الأدب الروسي والأدب الأمريكي وبخاصة في مؤلفي القصص والمسارح.