حين يطلب "أنطونيوس" منه أن يشفيه بضربة سيف أو بطعنة خنجر، فيقتل العدو نفسه على أثر، فيقول أنطونيوس:
أوروس عفوًا قد ذهبت ضحية ... وجنى عليك تردد الممقوت
فعلمت مني كيف يجني قيصر ... وعلمت منك العبد كيف يموت
وفي مسرحية شكسبير حين يدخل "أكتافيوس" على أنطونيوس بعد موته منتحرًا يأسى على أن ألجأه إلى هذا المأزق، ويقول: إن في الجسم بعض آفات تتطلب بعض الجراح. ثم يعبر عن آساه في شبه رثاء لرفيقه قائلًا: لكن دعني أنتحب بدموعي القدسية من كلام القلب أن يا أخي ويا شريكي، ويا ذا المكان الأول في كل ما شرعنا فيه، وندي في الإمبراطورية وصديقي ورفيقي في جبهة الحرب، والذراع لجسمي أنا، والقلب الذي تضيء أفكاره أفكاري.
وصدى هذه الخواطر يتراءى في شعر شوقي حين يودع "أكتافو" رفيقه المنتحر قبل دفنه متوجهًا إلى كليوباترا.
وأخيرًا يطلب "أكتافيوس" في أواخر مسرحية شكسبير فيرى كليوباترا ووصيفتها ميتتين على أثر لدغات الأفاعي التي انتحرتا بها، وكان مما قاله: ما طريقة موتهن، إني لا أراهن يدمين. يدع شوقي "أكتافيوس" يعبر عن نفس المعنى حين دخل حجرة كليوباترا عقب انتحارها متوجهًا إلى الطبيب قوله:
عجيب يا طيب أرى قتيلًا ولكن لا أرى أثر الجراح.
وقد أفاد شوقي من كل مصادره التي قد أشرنا إلى بعضها، وأخرج منها خلقًا فنيًّا مُتّسمًا بطابعه، فأراد أن يصور كليوباترا تصويرًا جديدًا خالف فيه كل من سبقوه؛ ليصحح جناية التاريخ عليها كما قال.