ويظل الشعبُ يردد هذه الإشاعة مبتهجًا بالنصر، في وقت عصيب تطلب الحداد إذ إن جيش "أكتافيوس" يحاصر ال إ سكندرية و"أنطونيوس" مختبئ في سكنة رومانية يعبئ فيها للحرب فلول جيشه من الرومان لينتقم لشرفه من هزيمته في "أكتيوم"، وهذا طابع كلاسيكي في بدء الحديث في المسرحية لقرب نهايتها.

وهذا هو المنهج الذي سلكه "دريفن" في مسرحيته ذات الطابع الكلاسيكي كذلك فبدأ المسرحية حيث بدأ شوقي بل إن شوقي متأثر به كذلك في بدء المسرحية، إذ إن دريفن يجعل سرابيون كاهن إيزيس يظهر على المسرح بعد بدأ المسرحية بقليل؛ ليعلن للشعب أن عليه أن يبتهج ويعلن ابتهاجه بمواكب النصر لأن اليوم عيد ميلاد "أنطونيوس" السيد العظيم، ويعارضه شخص آخر بأن اللعنة على من يعلن البهجة في هذا اليوم العصيب.

على أن شوقي يجعل موقف كليوباترا فريدًا فهي تفر من "أكتيوم" وتأبى أن تشترك مع "أنطونيوس" ضد "أكتافيوس" في الحرب الدائرة في أرجاء الوطن، وعلى هذه الحرب يتوقف مصير البلاد، وغايتها أن تترك البطلين يضعف كلاهما الآخر حتى تكون هي قوية ضد المنتصر منهما إذ إنه سيخرج وقد أنهكته الحرب.

وقد خيل لشوقي بذلك أنه يبرر نظرة "كليوباترا" وهي نظرة طائشة، لا مظهر فيها للوطنية الرشيدة، على أنها تعلنها لخاصتها مستبدة برأيها لم تستشر أحدًا، زاعمة أنها بذلك تقدم حبها لوطنها على هيامها بحبيبها، وهو تفسير لفرارها من حرب "أكتيوم" يخالف ما قيل: من أنها فرت خوفًا أو غدرًا ولكنه تفسير لا يستند إلى حصافة رأي أو تدبير وطني كما تزعم هي في قولها على حسب ما جاء في مسرحية شوقي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015