علمية، وتتطلب أقصى قدر من الحيادة والموضوعية، وترجمة أدبية وهنا مكمن الصعوبة، ذلك أن النص الأدبي إنما يعكس نظرة المبدع إلى الحياة والعالم وهي نظرة فردية ملونة تتمحور حول ذات صاحبها، فتعطي النص نكهته وصوته المتفرد، فضلًا عن أن النص في حد ذاته نسيج معقد من الكلمات، والروابط والتراكيب والإيقاعات والأنغام لا يقول كل شيء، بل أترك أشياء كثيرة لا يتحدث عنها حديثًا صريحًا، مكتفيًا بالإيماء والحديث الضمني.
ثم إن هناك عقبتين تواجهان المترجم في النصوص الأدبية هما الإطار الثقافي، الذي ينتمي إليه المبدع، واللغة التي يكتب بها يقصد اختلافهما عن نظيرهما عند المترجم، مما يجعل التقاطه لما في النص من شيات وتلوينات مسألة صعبة.
ومما يتناوله الأدب المقارن أيضًا كتب الرحلات، إذ إن هذا النوع من الكتب إذا كان يدور حول بلد أجنبي، فإنه يقوم بتقديم صورة لذلك البلد وشعبه للقراء المحليين، وهذا ميدان من ميادين الأدب المقارن، ومن ذلك على سبيل المثال صورة مصر في كتابات من زاروها، وكتبوا عنها من الأدباء الأوربيين مثل "جيرار دونلفال" و"فلوبير" من فرنسا، و"ريتشارد بير ستيوارت" من بريطانيا، أو صورة فرنسا في عيون الرحالة العرب، مثل: رفاعة الطهطاوي وأحمد فارس الشدياق وأحمد زكي شيخ العروبة، ومحمد حسين هيكل ومصطفى عبد الرزاق وطه حسين وتوفيق الحكيم ويوسف فرنسيس، وغيرهم، فمثل هؤلاء الرحالة هم المِرآة التي عن طريقها تعرف أممهم البلاد والشعوب الأخرى، وإلا فمن أين يستمد القراء معلوماتهم وانطباعاتهم، وأحكامهم عن تلك البلاد والشعوب؟