المخابرات وما إلى ذلك، إذ يجندون الكتاب الأجانب للكتابة عن بلادهم من وجهة نظر معينة، كي يعطوا انطباعًا معينًا لدى الشعوب الأخرى.
ومن الواضح أن العوامل النفسية والاجتماعية تتضافر لخلق العناصر الهامة، والأفكار العامة التي تلعب دورها في تكوين عقيدة شعب في شعب آخر، فتصبغها بصبغتها، حين تتكون ثم تساعد على رواجها لدى ذلك الشعب، وقد تتغيرُ تبعًا لتلك العوامل الصور الأدبية لشعوب، إلى ما هو خير من الصور السابقة أو إلى ما هو شر منها.
وهذا صحيح فأمريكا مثلًا قبل العقود الأخيرة كانت ترتبط في أذهان كثير من العرب بأنها جنة الله في أرضه، وكنت وأنا طالب في الجامعة أسمع بعض زملائي يقولون: نار الرأسمالية ولا جنة الشيوعية. وعندما بلغنا أمريكا في العقود الأخيرة وضربتنا أمريكا ضربات ساحقة وتريد تدميرنا، واطلاعنا على حقيقة أمرها وموقفها منا تغيرت صورتها عند كثير منا، فهذا مثال على ما يقوله الدكتور هلال.
ثم هو يضرب مثلًا آخر فيه شيء من التفصيل يتعلق بصورة الشرق الإسلامي في الأدب الفرنسي على توالي العصور، ففي العصور الوسطى التي تحكمت فيها النزعات الدينية والتعصب الأعمى، ظهر المسلمون في الأدب الفرنسي في ملاحمه ومسرحياته بصورة وثنيين لا أخلاق لهم، سرعان ما ينهزمون أمام أبطال المسيحية فيتردون عن دينهم، وهذا طبعًا كلام مضحك، فالإسلام هو أبعد الأديان عن الوثنية، لكن كما قال الدكتور هلال: التعصب هنا يلعب دوره. بل إنهم قالوا في كثير كتاباتهم: إنّ المسلمين يعبدون ثالوثًا، وإن الرسول محمدًا كان يشرب الخمر، وهذا كله كذب في كذب.