غير رجال الأدب من المجتمعات الأرستقراطية في مقاطعة "ساكس" وغير رجال السياسات وبعض الفلاسفة في برلين، وبمخالطتها لهؤلاء تحدد نظراتها الفاصلة في تصويرها لألمانية.

وكذلك لم ير شوقي من أسبانيا إلا بعد المدن التي زارها زيارة عابرة عندما نفاه الإنجليز أثناء الحرب العالمية الأولى، ولم يهتم إلا بالحديث عن أسبانيا المسلمة وآثارها، وقد عاش بثقافته وميوله في الماضي الذي تحدث عنه، دون أن يعنى بتصوير البلاد وحاضر أهلها، ومع ذلك فإن لابنه كتابًا عن أبيه تكلم عن تلك الفترة، وذكر طرائف ووقائع متعددة ترينا جوانب من شخصية شوقي لا نعرفها عنه مباشرة، ولا نعرفها من شعره، ولا مما كتبه من كتب، بل نعرفها من ابنه، فلعل هذا المثال يوضح لنا ماذا يقصد الدكتور محمد غنيمي هلال بهذا الكلام.

وعلى الباحث أيضًا أن يرينا كيف رأى هؤلاء الرحالة البلد الذي رحلوا إليه، فيتعرض لشرح آرائهم فيه وتحليلها ولكن دراسته من هذه الناحية ليست إلا وسيلة لتكوين صورة البلد الأدبية التي ارتسمت بفضل هؤلاء الرحالة في أدبهم القومي.

ثم ينتقل الباحث بعد ذلك إلى دراسة صدى آراء الرحالة من الكتاب لدى أبناء أمتهم ممن تحدثوا عن نفس البلد أو أرادوا وصفه، وتقديم نماذج بشرية لأهله أيًّا كان الجنس الأدبي الذي تحدثوا فيه عن ذلك من مسرحية أو قصة أو رسائل، وترتسم كل ذلك أجزاء الصورة الأدبية للبلاد والشعوب الأجنبية، وقد تكون هذه الصورة مستوفاة الأجزاء فيما إذا تحدث الكاتب عن المظاهر المختلفة للبلد الآخر من مناظر طبيعية ومن عادات وتقاليد، ومن طبائع ونظم، ويغلب هذا على أدب الرحالة من القرن التاسع عشر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015