وبينما كان الفرنسيون يستطلعون النواحي الفنية لـ"جوته" إذا بـ"تومس كارليل" يَطْلُع على قومه بزعم جديد، وهو أن جوتة حكيم يدعو إلى الخلق القويم، والمُثابرة في خدمة الحق وأداء الواجب، وقد ظلت هذه الناحية الخلقية من أدب "جوته" هي الناحية التي يراها الأدباء من الإنجليز مدة نصف قرن، وذلك بتأثير ما كتبه "كارليل" عن ذلك الأديب والفيلسوف الألماني.

وقد أوحى هذا كله للأدباء الإنجليز بكثير من القصص التربوية والخلقية والدينية، ذلك أن "كارليل" قد وضع "جوته" في مرتبة الملهمين، بل الموحى إليهم، وجعله واحدًا من المدافعين الأشداء عن الخلق والدين، وبهذه الطريقة لم يكن الإنجليز يعرفون شيئًا عن جوانب السخرية والدعاية إلى الاستمتاع بالملذات عند جوته.

ويُضيف الدكتور هلال إلى ذلك أنهم قد خفي عليهم جانب التجديف والإلحاد في كتاباته، وهذه النقطة أحب أن أقف عندها بشيء من التفصيل، ذلك أنما قرأناه عن "جوته" أو قرأناه له لا يدل أبدًا على أنه كان ملحدًا، ربما كان المقصود أنه كفر بالنصرانية التثليثية، وكان يحب الإسلام، فلعل هذا كان السبب في أن الكتاب الأوربيين الذين نقل منهم الدكتور هلال هذه العبارة يكتبون هذا الكلام عن الأديب والفيلسوف الألماني.

أنا لا أظن أنه كان ملحدًا ولا مجدفًا، فإن الرجل تكلم فإن الرجل تكلم عن الله -سبحانه وتعالى- كلامًا عظيمًا، ولكن من وجهة نظر قريبة جدًّا أو متأثرة تأثرًا شديدًا بالقرآن الكريم وأحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن ثم قال من كتب عنه: إنه ربما أسلم، بل إن بعضهم يقول إنه ينظر إليه على أنه مسلم، فكيف يتفق هذا ما ذاك.

أغلبُ الظن -كما قلت- أن الدكتور هلال قد انساق إلى هذه العبارة بما قرأه عند الكتاب الأوربيين عندما تناولوا هذا الجانب العقدي من كتابات "فلهلن جوته".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015