وظهرت آثار ذلك التأثير واضحة كل الوضوح فيما وصلنا من الرسائل الفارسية الديوانية، وكذلك في الرسائل الشخصية، وأوضح مثل لذلك ما احتواه من رسائل كتاب (التوسل إلى الترسل) الذي جمعه بهاء الدين البغدادي في أواسط القرن الثاني عشر الميلادي.

وهناك مثل آخر هو تأثير الهمذاني والحريري في القاضي حميد الدين البلخي، الذي تكلمنا عنه في دروس سابقة فقلنا: إنه احتذى بهذين الكاتبين في إبداع جنس المقامة في الأدب الفارسي، وإن لم يأت بعده من يواصل الطريق، فكان هو البداية وكان هو أيضًا النهاية، إذ لم يجد جنس المقامة في الأدب الفارسي مرتعًا خصبًا يساعده على البقاء والنمو.

وعندنا أيضًا تأثير "جوته" في الأدب الفرنسي والأدب الإنجليزي والأدب العربي، وقد ظهر أول تأثير لجوتة في الأدبين الأولين بظهور قصة "آلان فيرتر" سنة ألف وسبعمائة وأربع وسبعين ميلادية، التي تُرجمت إلى الفرنسية بعد ذلك بعامين، وإلى الإنجليزية بعد ذلك بخمسة أعوام، واستقبلت في هاتين اللغتين استقبالًا طيبًا وتعددت ترجماتهما، وكان لنجاحها أكبر تأثير فيما انتشر في ذلك العهد عند "الرومانتيكيين" بما يُسمى بداء العصر "لومال دوسيكل"، والمقصود به القلق الفكري وضيق النفس بمتاعب الحياة وشرورها.

وقد ظهر أثر ذلك في الأدب الفرنسي عند "شاتو بريان"، في شخصية "رينيه"، وعند "تشاترتون" في مسرحيته، وعند "ألفريد ديفنيه" في مسرحية "تشاترتون"، كما ظهرت في الأدب الإنجليزي في كثير من المؤلفات اللورد "بايرون"، وفي أشعار زميله "الرومانتيكي شيرلي"، وقد طغى تأثير "بايرون" و"شيرلي" في إنجلترا حتى نسي بهما تأثير "جوته" نفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015