كذلك أثرت المواقف العامة المسرحية والشعرية في كُتابنا المحدثين صنوفًا من التأثير، وقد قلنا: إن نقطة البدء هي التشابه في نصين لكاتبين مختلفين تشابهًا لا يحتمل أن يكون سببه غير التأثير واللقاح الفكري نتيجة لتبادل الصلات التاريخية، والمقصود التشابه بمعناه الواسع الذي لا يقف عند حد الأفكار الجزئية أو المحاكاة المُباشرة.
فقد لا يهتم الكاتب الذي خضع للتأثير بمحاكاة أفكار سابقة له محاكاة مباشرة، بل يستفيد من الأثر الأدبي الذي أعجب به ويستلهمه روحه في مؤلفاته، وتتراء تلك الروح تفي الطابع العام الذي الذي يصبغ به فكرته، وقد ينعكس ذلك في مرآة شعره، أو في نوع الموضوعات التي يعالجها.
ومثل ذلك الشاعر الفرنسي "بودلير"، عندما تأثر بالكاتب الأمريكي "إدجر ألن بو" فإن الذي يريد أن يحدد مجال التأثير والتأثر بينهما لا يبحث عنه في تفاصيل أفكار، ولكن في الاتجاهات ونوع الخيال بصفة عامة، ويستعان بذلك بالمادة النقدية التي كتبت عن هذين المؤلفين، وعما أبدعاها، لكي يستطاع بعد ذلك إلى الوصول إلى القواعد العامة للصلات الفكرية والأدبية بينهما.
والكلام عن الاستعانة بالمادة النقدية التي كتبت حول الطرفين الأدبيين الذين نريد أن نقارن بينهما كلام مهم، ذلك أن الباحث المقارن لا يستطيع أن يقوم وحده بكل شيء، والحياة كلها تعاون، فأنا أمد يدي لمن حولي وهم بدورهم يمدون أيديهم إلي، وبهذا الطريقة نستطيع أن نبلغ أهدافنا وغاياتنا.
ومن الواضح -كما يقول الدكتور هلال- أن التأثر قد يكون في الجنس الأدبي، أو في الأفكار والإحساسات، أو في الناحية الفنية في الصياغة والأسلوب، أو في استعارة شخصية واحدة من مسرحية اشتهر صاحبها باختراع تلك الشخصية، كشخصية