يمكننا على اتجاه هذه المدارس أن ندرس طرفين أدبيين من أدبين مختلفين إذا كان هناك وجه شبه، أو كانت هناك اختلافات، أو أردنا أن نقارن بينهم من حيث القيمة الفنية، أو ما إلى ذلك.
ثم يمضي الدكتور محمد غنيمي هلال قائلًا: وبعد التأكد من قيام الصلاة التاريخية بين الأدبين، يجب أن يمهد الباحث لدراسة مظاهرها التفصيلية ببحوث عامة تسبق التفاصيل المستفادة من النصوص، وموضوع هذه البحوث هو بيان العوامل التي أدت إلى تكوين الصلات بين الكاتبين، أو بين الكُتَّاب، أو بين الآداب بحيث تحققت بفضلها تلك القرابة الأدبية وذلك اللقاح الفكري، ولا تنشأ في العادة صلات قوية بين الآداب إلا إذا سبقتها صلات سياسية، أو اجتماعية، أو فكرية بين شعوب تلك الآداب.
وأمامنا مثل واضح للصلات ذات الآثار البعيدة بين الأدبين: الإيراني والعربي بعد الفتح الإسلامي، فقد كان الغزو العربي فاتحة تنافس بين الشعبين لعبت فيه العناصر الفارسية دورها، إذ حقد الفرس على الدولة الأموية لعصبيتها العربية، وساعدوا العباسيين على إسقاطها، وعلى قيام الدولة العباسية التي حلت محلها، والتي كان لهم فيها نفوذ ضخمة، وما حديث أبي مسلم والبرامكة، وهزيمة الأمين على يد أخيه المأمون، وجيشه، وقيام الدويلات الإيرانية في ظل الخلافة العباسية إلا مظاهر لذلك النفوذ السياسي.
وينبغي ألا ننسى الإشارة -ولو إشارة عابرة- إلى حركة الشعوبية التي كانت مظهر للتنافس بين الشعبي في النواحي الأدبية والفكرية واللغوية، مع تعدد مشاعر هذا التنافس وعمق آثاره.