هكذا أدى الحب العذري والحرمان فيه إلى إثارة خيال المتصوفة وأوقد ذاكرتهم؛ فأبْدَعت أفكارًا شتى دخل في العرفان الصوفي الفارسي من الباب الواسع، ومِنْ ثَمّ أخذت تنتقل إلى الأدب العربي فنتج عنها قواسم مشتركة فنًا وفكرًا.

ثم يمضي الكاتب موضحًا أن الأمر لم يقتصر على الأدب الفارسي بل تجاوزه إلى سواه من الآداب الإسلامية الأخرى فيقول: "أما الآداب الإسلامية الأخرى -الأدب التركي الإسلامي على سبيل المثال- فقد حاولت في بداية الأمر أن تقلد الفرس في نظم كبار شعرائهم لهذه القصة، إلا أن هذا التقليد لم يحجب روح الإبداع عن هؤلاء فقد حاول بعض الأتراك أن يجدد في القصة من حيث الشكل والمضمون، كما أن ما نظموه في ليلى والمجنون لا يعد قليلًا أضف إلى ذلك أنه كان يكتسب المقدرة على نثر تلك القصة وتصويرها في شكل أدبي متقن.

ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه الآن هو: هل وقفت قصة ليلى والمجنون عند حدود المبدعين من العرب والفرس والترك؟

لعل الإجابة على هذا السؤال تنطلق من عمق الثقافة الإسلامية واتساع آدابها، وأعتقد أنه إذا ما خرجنا عن دائرة الآداب الإسلامية الثلاثة العربية والفارسية والتركية، سوف نتعرض لآداب إسلامية أخرى تزيد من الثقافة الإسلامية عمقًا وتعطينا القدرة على فهم المجتمعات الإسلامية المتعددة.

ولعل الأدب الكردي الإسلامي من الآداب الإسلامية الكثيرة لا بد أنه يجتنب بداخله قصة ليلى والمجنون وغيرا من القصص المنسية نظرًا للظروف السياسية، أو ربما لعدم معرفة بعض الدارسين لمثل هذه الثقافات المهمة التي ما يلبث أن يتركها الباحثون المسلمون حتى ينقض عليها باحث الغرب ليُظهروا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015