هذا ولا يقتصر أثر قصة ليلى والمجنون على الأدب الفارسي، وهو ما يزيد إيضاحًا ما كتبه خالد محمد أبو الحسن في دراسة له على المشباك -أي: الإنترنت- بعنوان: التناص السردي في ليلة والمجنون لفضول البغدادي ومنوزين لأحمدي خاني، يقول فيها: "لا شك أن قصة ليلى والمجنون نالت اهتمامًا بالغًا من شعراء الإسلام على اختلاف لغاتهم، ولإن كان تنوع موضوعها قد اختلف من شاعر لآخر فإن ذلك يجعل الموضوع أكثر إثارة.

والجدير بالذكر أنّ هذا الموضوع لاقى اهتمامًا كبيرًا أيضًا من الكتاب والباحثين، وتنبع أهميته من كونه موضوعًا يربط بين جل الآداب الإسلامية، ولعل القواسم المشتركة بين الآداب الإسلامية التي انبثقت من التمازج المشترك بين هذه الشعوب منذ العصور التاريخية القديمة، ثم ازدادت إحكامًا وارتقاءً حضاريًّا بعد الإسلام، أوجدت لنا أرضًا خصبة من الحوار الأدبي المتضامن لإثارة قضية صوفية كبرى هي قضية العشق الإلهي.

وتعتبر قصة عشق قيس بن الملوح مجنون بني عامر ليلى العامرية التي بدأت عند العرب في شكل الحب العذري، أعظم قصص الحب في الآداب الإسلامية وإن اختلف مضمونها من أدب لآخر، وإذا كانت قصة المجنون عند العرب تجسد أخبارًا مثيرة تناقلها الناس، فإنها لقيت لدى أدباء إيران على سبيل المثال رواجًا لا نظير له، ثم اتخذت شكل العمل الأدبي المتكامل بعد أن كانت مجرد أخبار متفرقة تعبر عن الحرمان والعذاب والمعاناة والعشق، ومن ثم كان الحب العذري منطلقًا إلى الحب الصوفي في الأدب الصوفي وهذا ما ظهر في صنيع نظامي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015