من البشر، ومع مناخاتها المتقلبة التي سيمكنه احتمالها أكثر من احتماله غلاظة البشر.

في تلك الأثناء يتكون ليلى تزوجت من شخص آخر، غير أنها أبدًا لا تنسى حبها لقيس، بل إنه صار يحدث لها بين الحين والآخر أن تهرب سرًّا إلى الصحراء، حيث توافي حبيبها في وحدته ووحشتها، ولاحقًا حين يموت زوجا توافيه الصحراء لتتحد حياتها بحياته نهائيًّا، ويتزوجان هناك بالفعل؛ لكن ليلى سرعان ما تموت فما يكون منه إلا أن يلحق بها إلى القبر، حيث يوحد الموت والشجن بينهما، كما ستكون حال روميو وجوليت بعد ذلك بقرون عدة.

قصيدة نظامي هذه تعتبر إذن من عيون الأدب الفارسي، ولكن في الوقت نفسه لا تقل عنها أهمية تلك الرسوم الرائعة التي أعطت فن المنمنمات الفارسية ألقى هو جماله عبر العصور، ولا تزال محفوظة حتى يومنا هذا كدليل حي على ارتباط فن الرسم بالفنون الأدبية في الحضارة الإسلامية، ليس بالضرورة العربية التي طالما اعترض بعض غلاة مفكريها المحافظين على أنت تشمل إبداعاتها رسم أشخاص.

ومع هذا لم تخل بدورها من رسوم عرفت طريقها إلى العيون والعقول، وحفظت عبر التاريخ، حتى من دون أن تصل إلى روعة إبداعات الرسوم المنمنمات الفارسية والماغولية، التي لا شك في أن العدد الأكبر منها يمكن اعتباره دائمًا تحفًا فنية تضاهي أروع ما أنتجته الإنسانية من لوحات غرامية "رومانتيكية". انتهى كلام الكاتب.

لكن لي تعليقًا سريعًا على وصفه للمجنون بأنه شاعر جاهلي وهو وصف غير صحيح؛ إذ المجنون إنما ينتمي كما رأينا إلى العصر الأموي لا الجاهلي ولا حتى إلى عصر صدر الإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015