عربية متقدمة في التاريخ؛ كهارون الرشيد مثلًا، أو أبي موسى الخراساني، أو تصور عادات عربية هي نوادر جحوية لا نصرية.
وتتميز حكايات جُحا أو نصر الدين خوجا بالقصر، والمفارقات غير المتوقعة التي تبعث إلى الضحك، وإن كان بعضها قائمًا على المنطق؛ لكنه المنطق القائم على القياس الخاطئ، ثم إن هذه الحكايات تخلو من الوصف والتحليل، وتقتصر على السرد والحوار الموجزين؛ لتنتهي بما يبعث على القهقهة، إما لما تصرف جُحا أو كلامه من خلل يدل على البلاهة أو التّباله، وإما لما فيه من وخز للمنطق المعوج، أو النفاق اللئيم الذي يلجأ إليه الآخرون في تعاملهم معه.
ومن أمثلة ذلك الحكايات التالية:
"جلس شيخ نصر الدين أفندي يومًا على منصة الوعظ في أحد جوامع أقشه، وقال: أيها المؤمنون، هل تعلمون ما سأقوله لكم؟ فأجبه السامعون كلا لا نعلم، قال: إذا كنتم لا تعلمون فما الفائدة من التكلم ثم نزل، وعاد في يوم آخر، فألقى عليهم نفس السؤال فأجابوه هذه المرة أجل إننا نعلم، فقال: ما دمتم تعلمون ما سأقوله فما الفائدة من الكلام، فحار الحاضرون في أمرهم، واتفقوا فيما بينهم على أن تكون الإجابة في المرة القادمة متناقضة، قسم يُجيب لا، وقسم يجيب نعم، ولما أتاهم المرة الثالثة ووقع عليهم سؤله الأول اختلفت أصواتهم بين لا ونعم، فقال: حسن جدًّا من يَعْلَم يُعلم من لا يَعلم".
"وكان جُحا راكبًا حماره حينما مر ببعض القوم، وأرد أحدهم أن يمزح معه فقال له: يا جحا، لقد عرفت حمارك ولم أعرفك، فقال ججا: هذا طبيعي؛ لأن الحمير يعرف بعضها بعضًا".