بل إن حكمت شريف الذي ترجم النوادر التركية إلى العربية، في كتابه المعروف (نوادر جحا الكبرى) والذي قدر له أن ينتشر في العالم العربي، حتى لقد طبع في مصر أكثر من عشرين طبعة، غير الطبعات السورية واللبنانية والعراقية وغيرها، نَرى حِكْمَت شِريف يَنُصّ صراحة في المقدمة التي كتبها قائلًا: وبعد فقد وقع لي كتاب نوادر ضخم باللغة التركية يسمى (لطائف خوجا نصر الدين) وهو مشهور عندنا في العالم العربي بنصر الدين جحا صاحب الأخبار المستغربة، والنكات المستملحة.
ولما كان ما طُبع في العربية من نوادره قليلًا جدًّا أقدمت على ترجمة هذا الكتاب عن اللغة التركية، وألحقت به مع عثرت عليه في غيره من كتب العرب والترك، من أخبار هذا الرجل وأطواره وقصصه ونوادره؛ حتى اجتمع لديّ هذا الكتاب، ويُضيف الدكتور محمد رجب النّجار أنّ الطبعات العربية جميعًا تستمر على هذا الخلط بين الشخصيتين.
ومن هنا يقول العقاد: إنّ النوادر المنسوبة إلى جحا، يستحيل أن تكون صادرة كلها عن شخص واحد، إذ الأزمنة التي تقع فيها تختلف، وكذلك الأشخاص الذين يظهرون مع جحا ينتمون إلى عصور مختلفة، والعادات والتقاليد التي تعرضها مختلفة، كما أن السمات النفسية والعقلية التي ترسمها لجحا لا يمكن أن تكون لذات الشخص في النوادر كلها؛ لأن بعضها يناقض بعضها الآخر.
ومع هذا نرى العقاد في كتابه (جحا الضاحك المضحك) يميز بعض النوادر بأنها مثلًا نوادر تركية لا عربية، لما تتضمنه من الملامح الأدبية التي تتعلق بلغة الترك لا بلغة العرب، أو لأنها تذكر أسماء مُدن تركية لا عربية، ويُمكن أن نضيف إلى ذلك: أنّ النّوادِر التي تدور حوادثها في بلاد عربية، أو تتحدث عن شخصيات