وهكذا وقد جعلت منظمة "اليونسكو" من عام ستة وتسعين وسبعمائة وألف ميلادية عام نصر الدين جحا، وفي آخر مقال النسخة الفرنسية من "الويكبيديا" عن جحا ثبتٌ بالكتب والمقالات التي تتحدث عن جحا، أو تتضمن حكاياته يبلغ بضع عشرات، ولا أظنها إلا جزءًا ضئيلًا من المصادر والمراجع التي تتعلق بالموضوع، إذ تقتصر على اللغة الفرنسية ليس إلا.

وقد اختلطت الكثير من النوادر الجحوية والنصرية، حتى يقول الدكتور محمد رجب النجار: إنّ الفصل بينهما أصبح شبه مستحيل، بل غير مجدٍ في النهاية، وإنْ كان في كلام الدكتور النّجار شيء غير قليل من المبالغة، كما سيتبين بعد قليل. كما لاحظ الدكتور أن هناك ميلًا لطمس جحا العربي لمصلحة نصر الدين التركي، ذلك أننا سنجد أن أكثر الكتب العربية التي جمعت النوادر الجحوية بين دفتيها، وخاصة تلك التي شهدت عصر المطبعة في العالم العربي -كما يقول الدكتور النجار- سنجدها جميعًا بلا استثناء تنسب النوادر إلى جحا العربي الرومي، في آن واحد.

فهي مثلًا تقول: "نوادر جحا الكبرى" في عنوانها الرئيسي، وتذكر تحته العنوان ببنط أصغر هذه مجموعة من نوادر الشيخ نصر الدين المعروف بجحا، لقد بلغ من هذا الخلق أن جاء ناشر كتاب (أخبار الحمقى) لابن الجوزي الذي صدر قبل أن يوجد رمز تركي نصر الدين خوجا بعدة قرون، فذكر فيه مثل هذا الكتاب معنونًا لنوادر جحا العربي، هذا العنوان "أخبار جحا المعروف بنصر الدين خوجا". وهذا إن دل على شيء فإنّما يدل على أن العقلية العربية قد تمثلت في النموذجين معًا، وجعلتهما واحدًا مما أتاح فرصة لكل جامع النوادر أن تنسب ما تشاء من النوادر لمن تشاء من أعلام الدعابة عربية أو تركية دون حرج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015