سأعيش رغم الداء والإعياء ... كالنسر فوق القمة الشماء
أما النماذج الدينية المصدر؛ فهي المأخوذة عن الكتب المقدسة، وغالبًا ما يَبْعُد بها الكتاب أو الشعراء قليلًا أو كثيرًا عن مصادرها، وطبيعي أننا لا نحفل هُنا إلا بالشخصيات العالمية، أي: التي انتقلت من أدب أمة إلى أدب أمة أخرى، كي تجد طريقها إلى الدراسات المقارنة.
ومن النماذج التي كان لها حظ كبير في الأدب الحديث شخصية "الشيطان" وقد ابتعدت هذه الشخصية كثيرًا عن مصدرها الديني -كما يقول الدكتور هلال- حين انتقلت إلى ميدان الأدب وخاصة على يد "الرومانتيكيين" ورائد "الرومانتيكيين" الأول في هذا الباب هو الشاعر الإنجليزي "ميلتون".
ويرى المحاضر الذي يحدثكم الآن: أنّ شخصية الشيطان في الآداب العالمية إنما تدين في وجودها للقرآن، فهو الكتاب الوحيد الذي حكا قصته وعصيانه وتمرده، والحجاج الذي ظهر بين الله سبحانه وبينه وظهر فيه كبره وغطرسته وكراهيته للجنس البشري، وأمر الله له بترك المنزلة التي كان فيها، وإبعاده إياه عن رحمته ولطفه.
ويضيف الدكتور هلال: أنّ السمات الشيطان في أدب "الرومانتيكين" جميعًا واضحة، إذ صوروه في صورة المتمرد الذي طرد قهرًا من عالم الخير، فدفعه اليأس إلى الإدمان على الشر، والشيطان عند "فيكتور هيجو" يمثل الإنسانية الطريدة البعيدة من الله، وينحصر كل عذابه في حبه لمن يبغضه، وفي أن الله هو النور والحب يفيض نوره على كل المخلوقات خيرًا ورحمة ونورًا. ويحسد بني آدم لأن في عيونهم الأمل، وفي قلوبهم الحب.