ولكن ما يسببه الشيطان من صراع بين الخير والشر، هو أساس ما يظفر به الإنسان من حرية وفوز، حتى ينتصر في الزمن البعيد الخير انتصارًا تامًّا، ويَظَلُّ النّهارُ لا ليل له؛ فيحمي ما في الشيطان من شر، ويُسامحه الله؛ ليُبعَثَ من جديد ملكًا سماويًّا.

ويتَجَلّى تأثير "الرومانتيكيين" العام في حديثهم عن الشيطان وتصويرهم إياه بالسمات التي ذكرناها، يتجلى تأثيرهم في قصيدة العقاد التي عنوانها: "ترجمة شيطان" وهي قصة شيطان ناشئ سئم حياة الشياطين، وتاب عن صناعة الإغواء لهوان الناس عليه، وتشابه الصالحين والظالمين عنده؛ فقبل الله هذه التوبة وأدخله الجنة، ومثل آخر لهذه الشخصيات الدينية يتمثل في قابيل أول قاتل على وجه الأرض، ومثال الساخط المتمرد الضائق الزرع بما لا يعرف له كنهًا في مسائل الخير والشر، ووجود الخلق.

وهو كذلك في أدب "الرومانتكيين" كما في مسرحية "بايون" التي عنوانها قابيل، وقد تأثر به الشاعر الفرنسي "البرناسي" "لوكون ديليل" ثم الشاعر الرنجي "بودلير" وقد عَبّر عن مظاهر حيرة الإنسان، وثورته على ما يراه ظلمًا.

وإلى جانِب النماذج التي مرت هناك نماذج مصدرها أساطير شعبية، وكالعادة نرى الأدب المقارن لا يُعالِجُها إلا إذا كانت عالمية؛ فيتناولها كبار الكتاب في مختلف الآداب، وإلّا فإن الأدب المقارَن سَوفَ يَتخلى عنها للباحثين في الأدب الشعبي، والتقاليد الشعبية؛ فشخصية جحا -كما يرى الدكتور هلال- لم ترقَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015