وهناك مجموعة من الشروط يجب توافرها فيمن يبحث في الأدب المقارن، منها أن تتسع معارفه بحيث يكون مطلعًا على جوانب متعددة من الثقافات فيما يتصل بالأدب، وأن يعرف بعض اللغات الأجنبية، إذ لا يستطيع أن يعرف ما تم من تأثير وتأثر في الموضوعات التي يدرسها، إلا بالاطلاع على النصوص والآثار الأدبية في لغاتها الأصلية، فقد ثبت أنه كثيرًا ما يؤدي الاعتماد على الترجمات دون الرجوع إلى الأصول إلى أخطاء في النتائج بسبب سوء الترجمة أو تحويرها، أو سهوها عن أشياء مهمة في اللغات المنقول منها.
ومعنى هذا أن من يريد معرفة تأثير الشاعر الألماني "جوته" في الأدباء الرومانسيين مثلًا لا بد له أن يقرأ "جوته" الألماني في اللغة الألمانية، وليس يكفيه تمامًا اللجوء إلى ما تُرجم من أدبه، كذلك ينبغي للدارس المقارن أن يلم بالمصادر، والأصول الخاصة بموضوع البحث؛ كي يستطيع معرفة عملية التأثير والتأثر، وإذا وقعت له ترجمة لعمل من الأعمال الأدبية، فعليه أن يقارن بين الترجمة والأصل، أو بين الترجمات المتنوعة إذا كان هناك أكثر من ترجمة للعمل المذكور، وبالمثل عليه معرفة ما يختص بدراسة الأجناس أو الأنواع الأدبية، كنشأة قصص الرعاة ومسرحياتهم في الأدب الأوربي، وانتشار القصة التاريخية في أوربا مع أوائل القرن التاسع عشر، ونشوء القصة والمسرحية في الأدب العربي، ثم الحكايات التي كتبت على ألسنة الطير والحيوان، وكيف أدخلها إلى الأدب العربي الكاتب العباسي عبد الله بن المقفع؟ وكيف أثر الأدب العربي في الأدب الفارسي؟ أو كيف أثر الأدب الفارسي في الأدب العربي إلى آخره؟