المبدعين في الآداب المختلفة، إذ تناولها بعد "شكسبير" أدباء فرنسا وإنجلترا وغيرهما من البلاد الأوروبية، وفي مصر نجد مسرحية "مصرع كليوباترا" لأحمد شوقي، الذي دافع دفاعًا مستميتًا عن تلك المرأة، وجعل منها ملكة وطنية تحب مصر، وتعمل على صالحها وتضحي بحبها من أجله.
ومن الشخصيات التاريخية في الأدبين العربي والفارسي، يمكن للدارس المقارن أن يذكر على سبيل المثال شخصيتي ليلى العامرية وحبيبها قيس بن الملوح العامري، المعروف بمجنون ليلى، ولقصة حبهما حديث طويل بما نُسب إليهما من أحداث، تعرفها كتب الغزل العفيف وكتب التصوف، والمعروف أن أحمد شوقي له مسرحية عنوانها "مجنون ليلى"، كما أن لصلاح عبد الصبور مسرحية من الشعر الحر هي "ليلى والمجنون".
وهذه النماذج والشخصيات وغيرها لا تعدو أن تكون موضوعًا واحدًا من الموضوعات، التي يمكن أن يتناولها الباحث المقارن من زاوية التأثر والتأثير بين الآداب المختلفة.
والواقع -كما سبق أن وضحنا- أنه ليس شرطًا أن يدرس الأدب المقارن التأثير والتأثر بين الآداب المختلفة، فهذا إنما يشكل بعضًا من مهمته، وليس مهمته كلها، وفي هذه الحالة يكشف الأدب المقارن عن مصادر الأصالة في الأدب القومي، وما دخل عليه نتيجة تلاقحه مع الآداب الأخرى، ولا شك أن جوانب التأثر كثيرة ومتعددة، فالأدب كائن حي يؤثر ويتأثر، يأخذ ويعطي، وهذه سنة الوجود الإنساني، وهنا يوضح الأدب المقارن خط سير الآداب في علاقاتها بالآداب الأخرى، ومدى تقاربها في الأفكار مبينًا لنا أهمية التأثير والتأثر في تقوية الأدب القومي، وكذلك في العمل على تقارب الشعوب وخروجها من عُُزلتها، وبذلك يكون للأدب المقارن أهمية كبرى في دراسة المجتمعات وتفهمها.