آثار الأندلس، وطني قومه القديم ينشد في المجد الغابر مجد الوطن ومجد العرب ملاذًا من الحاضر، في ثنائية أشاد فيها شوقي بوحدة الشعور الوطني مع الشعور العربي، فهروبه من الحاضر أو ملاذه بالماضي كلاهما ذو طابع إيجابي، فيه تتمثل حركة النفسية من الحاضر البائس، إلى الماضي المشرق مشدانًا بمستقبل يليق بذلك الماضي.

ففي خياله: أنه لا يبعد أن يكون لوطنه من المجد في المستقبل، ما كان لـ"قرطبة" في الماضي في حين أن حاضرها آسي كحاضر وطنه لذلك العهد:

قرية لا تعد في الأرض كانت ... تمسك الأرض أن تميد وترسي

ويهيب شوقي من وراء آساه على الماضي الضائع، بعزائم أهل وطنه وبالعرب جملة؛ كي يلتفتوا إلى تلك الأمجاد ويتعظوا بها، ويشدوا عزائمهم، وموقفهم منها موقف الوارث المضيع من ملوك الطوائف حين فقدوا فردوسهم في الأندلس.

وفي حديث شوقي عن خروج هؤلاء من الأندلس نفسة يأس ذات طابع اجتماعي وجداني ضخم، يُحِسُّ فيها في نفس الوقت بلذعة أسى النفي من الوطن فيما يشبه نفي هؤلاء الأجداد، ونحس بهذا الشعور الذاتي الوجداني الكبير في هذه الصورة التي تتجاوب فيها أصداء نفسه في وجدانه الذاتي، وفي موقفه في وجدانه الاجتماعي المُمثل لموقف أمته من ماضيها الوطني والعربي جملة ولذلك في قوله:

خَرَجَ القَومُ في كَتائِبَ صُمٍّ ... عَن حِفاظٍ كَمَوكِبِ الدَفنِ خُرسِ

رَكِبوا بِالبِحارِ نَعشًا وَكانَت ... تَحتَ آبائِهِم هِيَ العَرشُ أَمسِ

رُبَّ بانٍ لِهادِمٍ وَجَموعٍ ... لِمُشِتٍّ وَمُحسِنٍ لِمُخِسِّ

إِمرَةُ الناسِ هِمَّةٌ لا تَأَتى ... لِجَبانٍ وَلا تَسَنّى لِمكسِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015