الكاتب عند خطابته أو كتابته، بمعنى السياق الذي يحيط به عندئذ؛ أو فلنقل: الموقف.

وقد أشار إلى هذا الدكتور محمد غنيمي هلال في كتابه (المواقف الأدبية) إذ كتب ما نصه: "وقديمًا ذكر أرسطو الموقف، وهو في سبيل الحديث عن الفكرة في المأساة في كتابه (فن الشعر) إذ يقول: وأعني بالفكرة القدرة على إيجاد اللغة التي يقضتيها الموقف، وتتلاءم وإياه". ففي هذا النص الموقف معناه قديم، ولا يقصد به أرسطو أكثر من مراعاة مقتضى الحال في البلاغة. وهو ما قاله نقاد العرب كذلك من بعده، وإن لم يبلغوا مدى أرسطو في تفصيل وجوه هذا المقتضى على حسب الأجناس الأدبية؛ من مسرحيات، وملاحم، وخطابة، وما يستتبع ذلك من اعتبارات كثيرة فنية.

و"مقتضى الحال" هذا هو ما نص عليه أفلاطون أستاذ أرسطو في كتابه "الفيدروس" حيثُ تَحدّث عن مُرَاعاته في الخطابة قائلًا: فإذا كانت وظيفة الخطابة هي قيادة النفوس بمعرفة الحقيقة؛ فعلى المرء لكي يكون قادرًا على الخطابة أن يعرف ما للنفوس من أنواع، وعلى قدر هذا الأنواع تكون الصفات، وهو ما يختلف به الناس في أخلاقهم، ولكل حالة نفسية نوع خاص من الخطابة؛ فعليّ إذن كي أوجد في النفوس نوعًا من الإقناع، أن أفرق بين كلامهم وطبيعتهم، وإذا توافرت للمرء هذه المبادئ عرف متى يجب أن يتكلم، ومتى يجب أن يمتنع عن الكلام، ومتى يليق به أو لا يليق أن يكون موجزًا، أو مثيرًا، أو مبالغًا. أما قبل الوقوف على هذه المبادئ؛ فلا وسيلة له إلى التعرف على ذلك".

والموقف في معناه السابق عند أفلاطون وأرسطو والعرب؛ ليس من الاصطلاحات الفنية أو الفلسفية، ولا يُستطاع في نطاق هذا العموم لمفهومه أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015