أي: الوَضْعُ الذي يتخذه الإنسان تجاه قضية أو شخص ... إلى آخره. وهو معنى لم تورده تلك المعاجم القديمة على خلاف المعاجم الحديثة، وهذا أمر طبيعي إذ إنها إنما وضعت بعدما استفاض استعمال الكلمة في ذلك المعنى.
ويتضح لنا كذلك أن لفظة موقف في الأحاديث التي أشرت إليها يتفق مع المعنى الذي صرنا نستعمله فيه، وفيه وحده في الغالب، وهو الوضع الذي ير في الإنسان فيه وجه، عليه أن يوجهه بالخروج بأكبر قدر من المكاسب، أو على الأقل دون خسائر، أو بأقل القليل بأهون قدر منها. وقد يكون الموقف فرحة أو أملًا أو شعورًا بالإحراج أو حزنًا أو يأسًا أو ضبطًا في وضع مخل ... إلى آخر تلك الأوضاع وما أكثرها.
ومعروف أنّ الإنسان إذا ما حزبه أمر ما، أو اجتاحه إحساس بالسعادة، وأراد أن يقدم على فعل شيء جراء هذا؛ فإنه إن كان يتحرك وقف ليعطي لنفسه فرصة التفكير المتأني، ومن هنا سموا اتخاذ القرار في مثل تلك الحالة موقفًا، بل لقد عَمّموا إطلاق هذه التسمية بحيث تشمل أيضًا الوضع الذي يستحث الإنسان إلى اتخاذ القرار، وهذا هو الأصل الذي انطلق منه كذلك معنى المصطلح في الأعمال الأدبية من قصة، أو رواية أو مسرحية على ما سوف نرى.
وقد قَلّبتُ في بعض المعاجم الأدبية والنقدية والصوفية، فلم أجد لهذا المصطلح أثرًا في قاموس المصطلحات الصوفية لابن الحمد مثلًا، ولا في معجم اصطلاحات الصوفية كعبد الرازق الكاشاني، ولا في معجم النقد العربي القديم للدكتور أحمد مطلوب.
ولكن ليس معنى هذا أن العرب القُدَماء ولا من سبقهم ممن كتبوا في النقد والبلاغة كالإغريق مثلًا يعرفه مفهوم الموقف على الإطلاق، ففي البلاغة مثلًا: هناك ما يسمونه مقتضى الحال. أي: الظروف التي ينبغي أن يراعيها الخطيب أو