نحدد صلاتًا أدبية أو فنية، تَقُوم عَليها دراسات نقدية عميقة ذات شأن سَواءٌ في الأدب القومي أو الأدب العالمي، ولم يُحاول أحدٌ من نُقّاد الأدب ودارسيه أن يقوم بتلك الدراسة في نطاق ذلك المفهوم القديم للموقف. كما أنه بهذا المعنى لا يمكن أن يكون أساسًا للدراسة النقدية المقارنة، وهي الدراسات الحديثة المثمرة. هذا ما قاله الدكتور محمد غنيمي هلال.
إلا أنّ هُناك الآن نَظرِيّة نقدية مُهِمّة تُسَمّى نَظرية السِّياق، وتقتضي هذه النظرية أنْ يُفهم النّص في سياقه الذي أبدع فيه، كي يتسنّى فهمه فهمًا صحيحًا، أو على الأقل كي يتسنى فهمه فهمًا أفضل، صحيح أن الغاية من هذه النظرية ليست هي الغاية المفهوم مراعاة مقتضى الحال في البلاغة والنقد القديم، لكن الأمرين مع ذلك يتقاطعان، فضلًا عن أنهما ينطلقان من نقطة واحدة ألا وهي نقطة السياق؛ الذي بدونه في النظرية المذكورة لا يمكن فهم النص أصلًا، أو في أقل القَليل لا يمكن فهمه الفهم الدقيق.
والذي بدونه في مفهوم مقتضى الحال، لا يمكن إصابة الهدف المتهيئ من وراء عملية الإبداع، أو على الأقل لا يمكن إصابته على وجه الدقة.
ثم يضيف هلال مبينًا بداية استعمال هذا المصطلح بمعناه النقدي، الذي نحن بصدده الآن فيقول: وأوّل مَنْ بَحَث في المواقف الأدبية في المسرحيات هو الناقد والشاعر الإيطالي "كارلو جوزي" في القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر، وقد انتهى إلى حصر المواقف المسرحية في جميع أنواع المسرحيات، وفي كل الآداب في ستة وثلاثين موقفًا.
وقد ناقش المسألة الشاعر الألماني "جوته" مع صديقه وأمينه "إكرامان" فأقرّ العدَدَ الذي انتهى إليه "كارمن جوزي" ثم جاراهما ناقد فرنسي هو جورج