-وعلى رأسها السجع والجناس والازدواج- سِمة سائدة فيه، كان ذلك في أواخر العصر العباسي، وطوال العصرين المملوكي والعثماني. ثم لما وقعت النهضة الحديثة، نَهَض الأدب العربي، وشَرَع يتقلقل من هذا الوضع، وأخذ يتخفف من السَّجعِ والبديعِ قَليلًا قليلًا حتى يتخلص منه. ويصدق هذا بدرجة كبيرة على عدد من الكتب التي ظهرت في بدايات العصر الحديث، مثل: (تخليص الإبريز في تلخيص باريس) و (المرشد الأمين في تربية البنات والبنين) لرفاعة الطهطاوي وكتب أحمد فارس الشدياق بوجه عام، وكتابات محمد عبده المتأخرة.
ولم يتم الأمر بين عشية وضحاها، ولم يحسمه كاتب واحد على خلاف ما يفهم من كلام الدكتور شوقي ضيف، من أنّ محمد عبده قد تحول بالكتابة من السجع والمحسنات إلى الأسلوب المرسل، مع أنّ الطهطاوي والشدياق مثلًا قد سبقاه إلى هجران السجع والبديع في كثير مما كتبا، كما أن الأسلوب البديعي ظل يستعمله الناثرون بعد محمد عبده مثل: أحمد شوقي في "أسواق الذهب" وحافظ إبراهيم في "ليالي سطيح" ومحمد المويلحي في "حديث عيسى بن هشام" ومحمد توفيق البكري في "سهاريج اللؤلؤ" على ما هو معروف. ويرجع شيوع الأسلوب المرسل في أدبنا الحديث إلى عدة عوامل منها: التأثر بالآداب الأجنبية التي أخذ كثير من كتابنا ينظر إليها على أنها هي الأسوة التي ينبغي الاقتداء بها، وبخاصة أن الأسلوب العربي على أيام ابن المقفع، والجاحظ وابن المعتز، وأبي الفَرج الأصفهاني، وابن حزم وابن طفيل ومن إليهم كان هو الأسلوب المرسل. ومنها كذلك: