ورغم كل ما تقدم وهو أيضًا منفرد فإن محرر مادة الموشحة من دائرة المعارف الاسلامية "سيكلوبيديا الإسلام" في طبعتها الجديدة يتجاهل جميع ما سيق في قضية تأثير شعر الموشحات على الشعر الأوروبي الحديث، من حيثيات وبينات وشواهد وتفصيلات، ولا يلتفت إلى الموضوع إلا في الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة، وعَلى نحو جد موجز، وكل ما قاله: أنّ أقدم الشعراء "التروبادور" وهو "ويليم الأكويتي" الذي ازدهر شعره في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، أيام الوشاحين اليهود قد استعمل نظامًا موسيقيًّا يشبه نظام الموشحات، وأن هذا هو أهم عنصر فيما يسمى بالنظرية العربية، التي تعمل على تفسير عبقرية الشعر "البروفينسالي" جزئيًّا على الأقل من خلال التأثير العربي.

هذا عن الموشحات والأزجال في الدراسات المقارِنة.

التأثيرات الأسلوبية بين الآداب العالمية وأهميتها في الدراسات الأدبية المقارنة

والآن إلى التأثيرات الأسلوبية بين الآداب العالمية، ومدى أهميتها في الدراسات الأدبية المقارِنة:

لَقد ساق الدكتور محمد غنيمي هلال بعض ما تأثر به "التروبادور" من الشعر العربي، حين تحدّثُوا عن النَّسيم الذي يُقْبِلُ من جهة الحبيبة كأنه نعيم الخلد، وحين صوروا ما يعانونه من سهد وسقم، وما يسحونه من دموع غزار، وما يصيبهم من ذهول حين يستغرقون في الذكريات، حتى ليقال عن الواحد منهم إنه مجنون، وحين يصبون لعناتهم على الرقيب والواشي، وحين يقيمون على اليأس لا يتحولون عن تدللهم في هوى حبائبهم، راضين منهن بالخيال الباطل الذي لا يُسمن ولا يغني من جوع. وبالمثل يتحدث الدكتور هلال عن تأثر الشاعر الإيطالي "بيترارك" في أسلوبه وصوره البيانية بشعراء "التروبادور" إذ شبه الحب بالنار والحديد والقيود والسجن، وجعل الموت فيه شهادة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015