استمد أصول فنّه من مصادر عديدة، كان من أبرزها الشعر "التروبادوري" إذ كان يعرف لغة مبدعيه معرفة ممتازة ساعدته على تذوق شعره. كذلك كانت المرأة "البروفانسالية" المثقفة كما يقول "بريفو" مثل المرأة العربية بعامة، تلهم مشاعر الشعراء، وتثير بطولة الفرسان وتأسر العظماء بأدبها وجمالها، وتقول الشعر ويحتكم إليها مبدعوه، وتسير بذكرها الرُّكبان فيتمناها كل من أحس في نفسه نخوة الرجولة، وقد أسهمت المرأة "البروفانسالية" إسهامًا قويًّا في نشر تقاليد "التروبادرور" المستلهمة من الشعر العربي الأندلسي في أنحاء أوروبا، بين أمثال الأميرة "أرينور" حفيدة "جيوم التاسع التولوزي" والأميرة "كونستانس" بنت ملك "أراجون" الفرنسي الثاني.

أما الأميرة "إلينور" فكانت وراء قدوم العديد من الشعراء "التروبادور البروفانسانين" إلى إنجلترا، وبالتالي وراء التأثير الإسلامي في الشعر الإنجليزي في العصور الوسطى، وفتحت قصرها ملتقى للأدباء والشعراء والفنانين القادمين من الجنوب، يحملون معهم عبق "البروفانس"، وأما الأميرة "كونستانس" فقد كانت وراء انتشار فن "التروبادور" في أوروبا الشرقية. ولم يقتصر تأثير الشعر العربي الأندلسي على الشعراء "التروبادور" بل شمل الشعر الأوروبي الحديث كما يؤكد الباحث، وتم ذلك على يد "عزرا باوند" الشاعر المعروف الذي تسربت عناصر من الثقافة العربية الإسلامية إلى شعره، مؤثرًا بدوره في الشعر العربي الحديث؛ لتكمُلَ بذلك دورة التأثير التي بدأت بشعر الموشحات والأزجال في الأندلس، وانتقلت إلى الشعراء "التروبادور" في مختلف أنحاء القارة الأوروبية، ثم إلى "دانتي" و"شوناتاته" لتصل إلى شيخ شعراء العصر الحديث وحوارييه في الوطن العربي وفي خارجه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015