ويقول أيضًا: "لن أسعد بأي حب غير هذا الحُبّ البعيد؛ لأنه لا توجد امرأة تضاهي محبوبتي في أي مكان قريب أو بعيد، لقد بلغت من سمو الحسن والنسب والصفاء، ما يَجْعَلُني أتمنى أن أكون أسيرًا عند المسلمين؛ لأحس بسعادة الاقتراب منها". كما عكست قصائد "روديل" نظام القوافي المقبوسة من الموشحات العربية الأندلسية فضلًا عن مذهب الغزل العذري العربي، والبعد في أساليب التعبير عن التعقيد في اللفظ، والتركيب والتكرار المستساغ.
كذلك يذكر الدكتور سطيف الشاعر "ماركبرو" الذي كان واحدًا من أنجب تلاميذ "جيوم التاسع". لقد عاش هذا الشاعر بين فرنسا وأسبانيا في قصر الأمير "جيوم العاشر" وترك أربعًا وأربعين قصيدة مختلفة الأشكال، متنوعة الأغراض، وإن غلب الهجاءُ عليها، وكانَت حَياتُه حَياة لهوٍ وعبث، ومع هذا خَصّصَ بعضًا من إبداعه الشعري لهجاء اللهو والفجور، ويعكسُ شعر ذلك الشاعر جوانب مختلفة من التأثير العربي الإسلامي في شعره في الشكل والأسلوب والمضمون في آن معًا، وبخاصة ترتيب الأغصان والأقفال وتوزيع القوافي. وكان "ماركابرو" متأثرًا بالشعر الغزلي عند ابن أبي ربيعة، ولنستمع من شعره لهذه السطور من قصيدته الزرزور تلك التي يقول فيها: "طر أيها الزرزور محلقًا، واغد في الصباح مبكرًا، توجه نحو بلد تلتقي فيه محبوبة لي، هناك تجدها وتراها، ومهمتك هي أن تقول لها مستفسرًا في نفس الوقت: لماذا خانت عهدها؟ ".
ويمضي الدارس مبينًا كيف كانت الرياح العربية الإسلامية تهب على شبه الجزيرة الإيطالية من الشمال والجنوب معًا، من التأثير التروبادوري أولًا، ومن صقلية حيث النفوذ النورماندي، وأن ثمت ما يشبه الإجماع بين دارسي "دانتي" على أنه