يغتنم المسرات المتاحة، كما في أشعار "الرونسار" الفرنسي. وإنّ هذا اللون من النظم قد انتشر في الشعر الأوربي كله على أثر ظهوره في إيطاليا". ويخلص من هذا كله بأنه دليل جد قوي على ما خلفته الأشعار الأندلسية على شعر "التروبادور" من آثار.

وفي كتابه (دور العرب في تكوين الفكر الأوربي) يبرز الدكتور عبد الرحمن بدوي دور الموشحات والأزجال الأندلسية في نشأة الشعر الأوروبي، مُشيرًا إلى أنّ أوّل من قال بهذه النظرية هو "خليان ريبيرا" المستشرق الإسباني الذي عكف على دراسة موسيقى الأغاني الإسبانية، ودواوين الشعراء "التروبادور" و"التروفير"، وهما الشعراء الجوالة في العصر الوسيط في أوروبا، و"الميني سنجر" وهم شعراء الغرام، فانتهى من دراساته إلى أن الموشح والزجل هما المفتاح العجيب الذي يكشف لنا عن سر تكوين القوالب، التي صبت فيها الطرز الشعرية التي ظهرت في العالم المتحضر إبان العصر الوسيط. وأثبت انتقال بحور الشعر الأندلسي فضلًا عن الموسيقى العربية إلى أوروبا، عن نفس الطريق الذي انتقل به الكثير من علوم القدماء وفنونهم، من بلاد الإغريق إلى روما، ومن روما إلى بيزنطة، ومن هذه إلى فارس وبغداد والأندلس، ومن ثَمّ إلى بقية أوروبا.

وكنت أود لو أضاف الدكتور بدوي إلى ذلك أنّ كتابًا آخرين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا مثل: "نيكل"، و"فون سيلفستر"، و"فيوري"، و"فرانس إجلي" يعضدون هذه النظرية كما جاء في كتاب (تاريخ الأدب العربي) في المجلد الرابع منه: للأستاذ الدكتور عمر فروخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015