ويستمر الدكتور هلال في ذكر تأثير الموشحات والأزجال على الشعر الأوربي في ذلك الوقت؛ فيقول: "إنّ الشواهد التاريخية على التأثير الموسيقي العربي على تلك الأشعار كثيرة"، ومن تلك الشواهد التي أوردها: مجموعة الأشعار المقدسة التي نظمها "ألفونس" العاشر في تمجيد العذراء، وعددها أربعمائة واثنتان منها على الأقل ثلاثمائة وخمس وثلاثون، مبنية من ثلاثة أبيات على قافية واحدة، يليها بيتٌ تتكرر قافيته وهي تقابل القفل، ثم يأتي بيتان يُقابلان المركز، وهما بمثابة المطلع في العربية، وإن جاء عقب المقطوعة الأولى.

هذا؛ وقد اشتهر "دانتى" و"بتلارك" الشاعران الإيطاليان المعروفان بلون من الشعر الغنائي تأثرا فيه بشعراء "التروبادور" واسمه "سينتوا" أو "سونيت" وهو مكون في الغالب من أربعة عشر بيتًا مُقَسّمة أربعة أقسام، اثنان منها رباعيان والآخران ثلاثيان، ومَطلع كُلّ من القسمين الأولين ذو قافية واحدة، وهو يُقابل المطلع والمركز في الموشحات، وفي شعر "التروبادور". كما أنّ القسمين الأولين ينتهيان كذلك ببيت متفق أيضًا مع المطلع في القافية، وهو ما يُقابل القُفل، وأما القسمان الثلاثيان الآخران؛ فإن المطلع في كل منهما يتفق في القافية، إلا أن البيت الثاني من الثلاثية الأولى يتفق مع الثالث من الثلاثية الثانية، مثلما يتفق الثالث من الأولى مع الثاني من الثانية.

ويستمر الدكتور هلال راصدًا ما اعترى شكل "السونيت" الإيطالي من تطور فيقول: "إنه أصبح يتألف من مجموعات سداسية، كل مجموعة لها من بيتيها الثالث والسادس، ما يُشبه القُفل من موشحات، إذ هما متفقان في القافية، كما أن موضوع "السونيتات" قد ظل هو الحب، إما الحب الطاهر الشديد القسوة الدائم الأثر كما في أغاني هذين الشاعرين الإيطاليين، وإما الحب اللاهي الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015