وجه الخصوص في الكتب التاريخية التي وضعت في العصور المتأخرة، أيام انحسار رونق الحضارة الإسلامية، وإن كان التسجيع والتجنيس قد بدءا قبل ذلك بوقت طويل.

فرأينا إبراهيم الصابي في القرن الرابع الهجري، والعتبي يؤلفان كتابيهما (التاج) و (اليميني) على الترتيب في بعض ملوك بني بويه والغزنويين سجعًا، ولدينا من هؤلاء أيضًا: العماد الأصفهاني، وحبيب الحلبي، كذلك هناك الشعراء نظموا التاريخ شعرًا. وتم ذلك منذ وقت مبكر منهم على سبيل المثال: يحيى الغزال الشاعر الأندلسي، الذي ذكرت كتب الأدب أنه نظم رجزًا في فتح الأندلس. ومثل ما رجز به علي بن الجهم في تاريخ العالم، ومثل أرجوزة ابن المعتز في تاريخ المعتضد جده، ومثل رجز ابن عبد ربه في تسجيل تاريخ عبد الرحمن الثالث في الأندلس، ومِثل شعر الخُرَني في فتنة الأمين والمأمون، وما وقع ببغداد من الدمار، وكذلك أرجوزة ابن كثير الموجزة عن الخلفاء العباسيين، وأرجوزة ابن عون الدمشقي المسماة "تحفة الظرفاء في تواريخ الملوك والخلفاء" وشعر ابن دانيال عن قضاة مصر. أما كتاب لسان الدين بن الخطيب (رقم الحلل في نظم الدول)؛ فقد جمع بين الشعر والنثر.

وبالنسبة لعلاقة التأليف التاريخي عند العرب بالفرس، يقول الدكتور محمد غنيمي هلال: "إنّه منذ القرن الثاني الهجري تُرجمت إلى العربية كتب كثيرة من التاريخ الإيراني، أثرت أيما تأثير في جنس التاريخ الأدبي عند العرب، وإن البلاذري، والمسعودي، والدينوري قد ساروا على طريقة الفرس في التأليف التاريخي الخالي من سلاسل الإسناد، إلا أنه للأسف لم يفكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015