وقد تناول الدكتور عمر فروخ في المجلد الثاني من كتابه (تاريخ الأدب العربي) النظريات، التي تتعلق بكيفية تأليف ذلك الكتاب، فقال: هناك ثلاث نظريات:

النظرية الأولى: أن الكتاب منقول عن الفهلوية.

أما الثانية: فهي تتخلص في أن الكتاب غير معروف بالآداب القديمة بهذا الشكل، وما دبشليم الملك ولا بيدبا الفيلسوف ولا فور ملك الهند، إلا أعلام منسوبة إلى زمن لم تكن فيه وأمكنة لا تعرفها، ثم إن ما في الكتاب من احتقار للثورة، ومن آيات قرآنية كريمة ومن أحاديث شريفة، ومن آراء لا شك في أنها من صلب الفقه الإسلامي، يدل على أن الكتاب نشأ في بيئة إسلامية عربية محضة.

وهناك نظرية أخرى تقول: إن القصص الواردة في كتاب (كليلة ودمنة) معروفة بأعيانها أو بأشباهها عند اليونان، وعند الفرس وعند الهنود وعند اليابانيين، وعلى هذا يكون عبد الله بن المقفع قد استقى القصص من الأدب الفارسي والهندي، ثم ساقها بسياقه هو واستخلص منها العبر التي يريدها هو، وأضاف إليها وحذف منها. وهذا مثال من كتاب (كليلة ودمنة)، وهو حكاية المسماة القرد والغيلم، وتجري على النحو التالي:

قال دبشليم للملك الفيلسوف: اضرب لي مثلًا الرجل الذي يطلب الحاجة، فإذا ظفر بها أضاعها قال الفيلسوف: إن طلب الحاجة أهون من الاحتفاظ بها، ومن ظفر بحاجة ثم لم يحسن القيام بها أصابه ما أصاب الغيلم، قال الملك: وكيف ذلك؟ قال بيدبا: زعموا أن قردًا يقال له: ماهر، كان ملك القردة، وكان قد كبر وهرم، فوثب عليه قرد شاب من بيت المملكة، فتغلب عليه، وأخذ مكانه فخرج هاربًا على وجهه؛ حتى انتهى إلى الساحل فوجد شجرة من شجر التين فارتقى إليها، وجعلها مقامه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015