إن معنى هذا أنه لا يوجد في الأب العربي شيء آخر سوى أشعار ابن الملوح، وهو ما يقول به إلا مجنون فقد عقله.

إن ذلك الأدب حتى في ميدان الغزل، والغزل العفيف وحده دون سواه، لغني بالنماذج الكثيرة، التي لا يعد شعر المجنون بالقياس إليها إلا قطرة على روعة ذلك الشعر المجنوني إن صح اللفظ.

ثم هب أن المجنون قد ثبت أنه من بنيات الخيال والأوهام، وأن شعره ليس له هو نفسه؛ لأنه ليس له وجود حقيقي، فهل يطعن هذا في شعر العرب؟ فمن نظم ذلك الشعر إذن، أليس من نظمه عربيًّا من العرب، ومن ثم فهذا الشعر ينتسب إلى العرب، إذن فلينقص من مجد العرب شيء، كل ما في الأمر أن ذلك الشعر سوف ينسب إلى شخص آخر غير المجنون، ولكنه في نهاية المطاف شخص عربي أم إن هناك احتمالًا آخر؟ ألا يرى القارئ والسامع مدى تفاهة ما كتبه طه حسين وضحالته؟ إن الرجل إنما يريد الإساءة إلى العرب بكل سبيل، ويطلب التمرد والعصيان طلبًا، يريد بذلك الخروج عما هو مقرر في العقول والنفوس، دون أن يقدم دليلًا يثبت به صحة ذلك العصيان، وهو يقيم إنكاره لشخصية المجنون على أن الرواة لم يتفقوا له على اسم ولا نسب ولا على أحداث حياته، لكن هل اتفق الناس فيما يخص كل شاعر من الشعراء القدماء، وبخاصة في الجاهلية وصدر الإسلام على مثل تلك الأشياء؟

إن الاختلاف في تلك الأشياء بالنسبة لهؤلاء الشعراء لكثير، وهذا معروف لدارسي تلك العصور فهم لا يستغربونه، بل يلقونه كثيرًا وطه حسين يلجأ إلى السفسطة حين يريد أن يقرر في النفوس أن القدماء كلهم كانوا يشكون في وجود قيس بن الملوح، ذلك أن الشاكين لم يكونوا يمثلون إلا جزءًا يسيرًا ليس إلا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015