لكن طه حسين يخلط بين وجود المنكرين، وبين انتشار الشك بين جميع الدارسين وهذا غير ذاك، لكنها سفسطة طه حسين التي اشتهر بها، وهو يضيف إلى هذا قوله: إن أبا الفرج الأصفهاني كان لا بد أن يروي أخبار المجنون نزولًا على وضع كتابه (الأغاني) ذلك الكتاب الذي كان يتطلب ذكر المجنون وأمثاله تطلبًا، يقصد أنه كان للمجنون أغان تغنَّى في العصر العباسي، وأن طبيعة كتاب الأصفهاني هي تتبع مثل تلك الأغاني، والتحدث عنها وعن أصحابها، والترجمة لهم والاستشهاد بأشعارهم، فكان لا بد لأبي الفرج الأصفهاني ما دام هناك أغانٍ تنسب للمجنون من أن يريد تلك الأغاني، ويترجمها لصاحبها، ومع ذلك كله فإن أبا الفرج قد أعلن وبالغ في الإعلان أنه يخرج عن عهدة هذه الأخبار التي يوردها عن المجنون، ويتبرأ منها، ويضيف العهدة فيها إلى الرواة الذين ينقل عنهم.

فهل هذا هو موقف الأصفهاني لقد قال الرجل في بداية الصفحات التي خصصها للمجنون ما يلي: هو على ما يقوله من صحح وحديثه قيس وقيل: مهدي، والصحيح أنه قيس بن الملوح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة بن جعد بن كعب بن ربيعة إلى آخره، ومن الدليل على أن اسمه قيس قول ليلى صاحبته فيه:

ألا ليت شعري والخطوب كثيرة ... متى رحل قيس مستقل فراجع

وأخبر الحسن بن علي قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: سمعت مَن لا أحصي يقول: اسم المجنون قيس بن الملوح، وأخبرني هاشم محمد الخزاعي قال: حدثنا الرياشي وأخبره الجوهري عن عمر بن شبة أنهما سمعا الأصمعي يقول: وقد سئل عنه: لم يكن مجنونًا ولكن كانت به لوثة كلوثة أبي حية النميري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015